مرض الكبر والتعالي على الآخرين.. بقلم محمد المقاطع

زاوية الكتاب

كتب 1268 مشاهدات 0

د. محمد المقاطع

القبس

مرض الكبر والتعالي على الآخرين

د. محمد المقاطع

 

من حسن الطالع أن نكون في مجتمع مثل المجتمع الكويتي، نشأ أهله على سجيتهم وعفويتهم وتواضعهم في علاقاتهم بعضهم مع بعض؛ مجتمع ترسخت فيه سمات السماحة والتعايش والتكاتف والتواضع، فلا تشعر فيه بتعالي أسرته الحاكمة او تميزها عن بقية أبناء الشعب، ولا تلمس تزلفا أو نفاقا من أبنائه لحكامه، تجد الجميع يلتقون ويجتمعون في المناسبات، مثل الأعراس أو العزاء، أو يتسامرون في الديوانيات أو المنتديات ويتشاركون في مقاعد الدراسة وفي مقار العمل من دون أن تفرق بين أي أحد منهم، كونه من أسرة حكم أو مسؤول أو غيره أو مواطن عادي، لأن الجميع يحترم الآخر ويقدره، ولا تجد بينهم تمايزا أو تعاليا من أي منهم على الآخر، ومن يمل لأي سلوك فيه كبر أو تعالٍ تجده عفويا معزولا عن البقية، وفي المحصلة ينسحب مرغما عن التواجد في ملتقياتهم ومنتدياتهم، ويصدق هذا الأمر على المجتمع النسائي الكويتي، كما هو الشأن بالنسبة إلى مجتمع الرجال.

ولقد نشأت أنا في هذا المجتمع المتميز في أخلاقه وتسامحه وطيبة أهله وتواضعه وتسامحه، وقد رافقت أهلي وجيراني وأحبتي وأصدقاء الدراسة والعمل بكل فئاتهم، في الحل والترحال، وخبرت هذه الخصال عن كثب لا عن كتب، وما زالت هذه الخصال هي التي تميز أهل الكويت وتوادهم وطبيعة تعايشهم بعضهم مع بعض، وهذه نعمة رائعة وفضل كريم من رب العالمين، فله الحمد والمنة والفضل.

وعلى الرغم من كل ذلك، فإنه قد ظهرت في مجتمعنا الكويتي في السنوات الأخيرة بعض السلوكيات الغريبة الدخيلة التي تخرج عن سياق ما جبل عليه أهل الكويت، والتي صار لها انعكاس سلبي على البلد، فشاع سلوك التزلف وتمجيد الأشخاص لتحقيق مكاسب شخصية أو مالية، وظهر سلوك نشر النفاق والانتهازية والوصولية لدى البعض، وتزايدت الشخصانية والأنانية والتكسب على حساب الوطن، حتى خلقت شخصيات هشة، بل ورديئة في السلوك والمسلك، فلا تعقل ولا نضج ولا حسن تعامل، وصارت لها حظوة زائفة، وظنت أنها فوق اعتبارات القانون والمحاسبة وأنها بمنزلة أخرى عن الناس، ولَم تنجح في تغيير أصالة معدن الكويتيين بمن فيهم أسرة الحكم، رغم أنها استقطبت البعض وأثرت بهذا البعض القليل، وصار فكر هؤلاء وتصرفهم ولسان حالهم وتصرفاتهم تقول ‏عبارة ساخرة وبكل عنجهية «منو هالناس! أي أهل كويت اللي تتكلم عنهم! ما عليك منهم أنا أعرفلهم»، وقد قالها هذا البعض ممن غرته مناصب وصلها بغير حق، أو قالها ثري كوّن ثروته بطرق مشبوهة، وقالها نائب بالمجلس ليست له قيمة دونه، وقالها إعلامي فاسد أسكره ضجيج الإعلام وأدواته، وقالها من لا يدرك معدن وحقيقة أهل الكويت بإرادتهم التي كانت دائما بنعمة الله وفضله حازمة في تطهير مجتمعهم من أمثال هؤلاء ورفع شأنه بتعاضدهم وقربهم مع أسرة الحكم الخيرة.

لذلك فإن مرض الكبر والتعالي على الآخرين سلوك شائن ينبذه أهل الكويت ولن يجد له ملاذا آمنا بين أهلها، ومن يقلل من شأن أهلها بمثل هذا السلوك، فقد خسرهم وعزل نفسه عنهم ومآله إلى الزوال، ولن تنفع مثل هؤلاء -الشخصيات- أموالهم ولا نفوذهم ولا ما شيدوه من مكانة وهمية، فشأنهم كبيت العنكبوت، «وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ». وسيبقى أهل الكويت على معدنهم الأصيل.

 

 

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك