تبقى الكارثة الحقيقية هي الموقف من حرية الرأي وحق التعبير الذي كفله الدستور.. كما يرى عبد اللطيف الدعيج

زاوية الكتاب

كتب 1069 مشاهدات 0

عبد اللطيف الدعيج

القبس

جرة قلم- المستكوتون

عبد اللطيف الدعيج

 

 

اذا صح ان وزير الاعلام قرر منع بعض «الفنانين» العرب من الغناء في الكويت، لأنهم تعدوا لفظياً على احد زملائه الوزراء، اذا صح هذا، فهو كارثة الكوارث.. ولكنها ليست مستغربة، لا من حكومة القمع، ولا ممن منع قبلهم جلال الدين من دخول الكويت.

كارثة ان تحط حكومتنا راسها براس مغرد تائه. لم يمنحه الشهرة والصيت الا من انتقده من المتحمسين «ظاهريا» للوطن. وكارثة ان يصدر قرار مثل هذا من فرد او حتى من مجلس الوزراء برمته.. لأن قرارا مثل هذا بحاجة الى قوانين وأحكام قضائية لدعمه وتبريره. وكارثة ايضا ان تنتصر الحكومة لأحد اعضائها، في الوقت الذي تغض النظر عن نفس النمط والنوع من الاهانات التي يتعرض لها بعض المواطنين.. لكن الظاهر ان وزراء الحكومة غير.

والكارثة الاعظم ان قرار المنع صدر بعد اعتداء لفظي مزعوم على وزير حكومي.. يعني اعتراضا على حرية راي، وعلى نوع من انواع التعبير. قد ينتفض من سينتفض، من المعادين للحريات والفكر، والزعم بأن هذا سباب وشتائم، وليس حرية راي. وهم صادقون مئة في المئة، وليس هناك شك في ذلك.. لكن يبقى بعد كل هذا رأياً وفكراً يجب ان يجابها بالرأي والفكر أو بالالتجاء الى القضاء، لإثبات أولا ان ما قيل قذف وشتائم وليس تعبيرا عفويا عن فكر او رأي. ولإثبات وهذا الاهم ان ما قيل تدليس وكذب وليس حقائق مبنية على سقطات وأخطاء ارتكبها الوزير الحكومي.

لكن تبقى الكارثة الحقيقية هي الموقف من حرية الرأي وحق التعبير الذي كفله الدستور. فالمتحمسون «ظاهريا» للوطن يدْعون بقوة الى منع وقمع من غرّد او ردد التغريدة، والى تشجيع الحكومة على ممارسة الضغط والضبط او القمع والمنع في الخارج لإسكات الافواه، التي يعتقدون انها أساءت لهم او للكويت حسب الزعم. ويستدلون على صواب رأيهم او حجتهم بأن الحكومة تمنع وتقمع من يقوم «محليا» بالتعبير عن رأيه.. فلماذا لا تتولى ذلك خارجيا؟!

بدلا من مجابهة الحكومة والمطالبة بالإفراج عن الحريات وعن المعتقلين بسببها، بدلاً من ذلك يشمّر البعض عن سواعده ويحمل معاوله، ويحاول ان يهدم ما تبقى او بالاحرى بما بالكاد تبقى من حرية رأي ومجالات للتعبير عنها. المفروض ان يستغل هؤلاء «الوطنيون» الوضع للمناداة بالحرية، والاقتداء بالحريات الممنوحة في الخارج، بدلا من الدعوة المشبوهة الى القمع والمنع، وتعميم الاتجاه السلطوي المعادي للحريات والمخالف لدستور ونظام البلد على المجاور من دول الإقليم.

 

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك