الشارع الكويتي يتلذذ بمشاهد التعذيب والجلد السياسي والاجتماعي للوزراء ومحاولة اسقاطهم وحرقهم سياسيا..فهد الشليمي

زاوية الكتاب

كتب 1198 مشاهدات 0



رؤية
الشارع يكره الحكومة
فهد الشليمي 

 
انجلى غبار معركة الثأر بين الحكومة والمجلس بفوز الديموقراطية الكويتية وبتجديد الثقة لوزير الداخلية وبالشكر والتقدير للنائب المستجوب الذي سلط الضوء على المخالفات والتجاوزات في الجهاز الحكومي في محور الاستجواب الاول ولكن الذي لفت نظري واستوقفني في الاستجوابات خصوصا خلال فترة السنوات العشر الاخيرة هو النقمة والتشنج الواضح من بعض فئات الشارع الكويتي ضد الحكومة الذي استطيع ان اجد له سببا وتفسيرا لهذا التشنج وعدم الرضى على الاداء الحكومي حيث اصبح اسقاط الوزراء وطرح الثقة بهم هو ديدن ورغبة الشارع المتعطش دوما لوجود ضحايا من الحجم الكبير على مستوى الوزراء من خلال بعض الاستجوابات المتشنجة واصبح الشارع الكويتي يتلذذ بمشاهد التعذيب والجلد السياسي والاجتماعي للوزراء ومحاولة اسقاطهم وحرقهم سياسيا وبمساعدة النواب حتى لو لم يكن لهم ذنب مباشر او مخالفة مباشرة في آلية الاستجوابات ومحاورها كما في استجواب الشيخ علي الجراح والذي ادرك الجميع انه استجواب جائر وظالم كما اريد ان اتطرق بشيء من التحليل السياسي في الشأن المحلي النيابي والعلاقة الحكومية مع الشارع الكويتي والذي تكون دائما ردود افعاله متشنجة ضد حكومته وان كنت اعتقد شخصيا ان قرارات الدولة الاستراتيجية لايجب ان تتخذ على رغبات الشارع بل ان يتم اخذها بعين الاعتبار حين اتخاذ القرارات غير الشعبية كما اتمنى ان يقوم متخذو القرار الحكومي بدراسة ظاهرة تغير مزاج الشارع الكويتي ضد الحكومة مقارنة بفترة الستينيات والسبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي فانا استطيع الجزم ومن خلال عملي السابق في احدى لجان مجلس الوزراء بان تباين وجهات نظر بعض النواب فيما يقوله للشارع وما يقوله للحكومة هو نتاج الاهمال الحكومي في التعامل السياسي مع بعض النواب كما ان بعض النواب قد لاينقلون الصورة الحقيقية لقواعدهم في الشارع الكويتي وعلى الطرف الاخر نجد ان الحكومة تلتزم الصمت كما هي العادة ولا تقوم بالتبرير والتفسير مما يجعلها في موضع الشبهات ولهذا التصرف نجد ان النواب يحققون الفوز وبالضربة القاضية على الحكومة ولكن هذا لا يعني اعفاء الحكومات السابقة من القصور في الاداء وتردي الخدمات فحكومات الستينيات والسبعينيات والثمانينيات كانت تحوز في الغالب الرضا والقبول الشعبي والذي كان يردد دوما «الله يعز الحكومة» فالحكومة بالنسبة لهم هي الام الرؤوم التي تزودهم بالامن الاسكاني والامن الوظيفي والامن الاجتماعي والامن القانوني والامن الصحي وقد انقلب هذا الرضا الى نقمة وحنق شديدين والذي قد اعزوه الى ضعف القرار الحكومي في التنمية وعدم محاسبة الحكومة للمقصرين بشكل علني وتردي الخدمات التنموية مع عدم وجود المشاريع البديلة والمساندة لها كما ان تفشي بعض ظواهر الفساد الاداري في بعض المؤسسات الحكومية وعدم المعالجة السريعة لها اضعفا موقف ومصداقية الحكومة وقد كان لعدم متابعة شكاوى الشارع الكويتي والمواطنين كبير الاثر في انقلاب الشارع على حكومته حيث ولد احساسا بعدم الاهتمام الحكومي بمشاكله وهمومه كما ان سوء تقدير بعض التصرفات الحكومية وسوء توقيتها قد جعلا الحكومة في مواجهة غير مرئية مع الشارع مثل قرارات الازالات وقضايا التجنيس وقرارات الجامعات الخاصة والعلاج في الخارج مما اكد الشعور السائد لدى غالبية المواطنين ان الحكومة تعمل لصالح التجار والمتنفذين فقط وقد زاد الامور سوءا عند قيام بعض النواب باستغلال هذه الهفوات والغلطات للتكسب السياسي وتأجيج الشارع ضدها واصبح النائب هو منفذ الامة الوحيد وهو المنقذ وحامي حمي حقوق المواطنين واصبحت مقولة «الواسطة فوق القانون» هي الجملة المحببة للمواطنين واحتكر نواب التشنجات الشارع الكويتي وسط صمت حكومي مطبق رافقه عدم وجود ناطق رسمي للحكومة الكويتية يفند هذه الادعاءات النيابية يوميا ويخاطب بها الشارع عبر اللقاءات الاعلامية والصحافية يوميا فالسياسة المحلية الكويتية تتطلب «مواجهة الصياح بالصياح» فهذا الفن السياسي والاعلامي هو الموجود والمقبول لدى الساحة الشعبية الكويتية حاليا. وبعد استعراضنا للمثالب الحكومية التي جعلت الشارع ينحاز للنواب بصورة غير عادلة اجد لزاما ومن باب النصيحة والتجربة ان ارادت الحكومة عودة الدعم الشعبي لها قيامها بالمبادرات الحكومية الشعبية التي تشعر الشارع والمواطن الكويتي بأهميته كما ان عليها تلمس حاجات المواطن البسيط وليس التاجر وان تكون مصدرا للامان والراحة بدلا من ان تكون مصدرا للمعاناة وان تنهي هذا الحراك السياسي في الشارع وان تتفرغ لمواجهة جبهة النواب المؤزمين وانصح الحكومة بأن تقوم بالمبادرات التالية:

1- فتح دواوين ومكاتب الوزراء بشكل مباشر للمواطنين ومن دون تعقيدات ادارية حتى في الفترات المسائية وبجدول اسبوعي ينشر في الاعلام.

2 - البدء بتنفيذ المشاريع التنموية او المشاريع البديلة المساندة لها ونشرها في الاعلام بشكل يومي.

3 - استخدام صلاحيات المحافظين والمختارين في التسويق الحكومي للمشاريع ونزولهم الى الشارع ودخول دواوين المواطنين بدلا من الجلوس في المكاتب.

4 - تنحية ومحاسبة المقصرين والمتقاعسين من الموظفين الحكوميين.

5 - تقوية دور الرقابة والتفتيش الحكومي على الوزارات والدوائر الخدمية بلجنة تتبع مجلس الوزراء بشكل مباشر.

6 - مكافحة مبدأ الواسطة والمحسوبية.

7. نزول المسؤولين والوزراء الى الشارع وتلمس حاجيات المواطنين مباشرة على شكل الالتقاء بهم في يوم في الاسبوع او في الفترة المسائية.

8. تسليط الضوء الاعلامي حين القيام بمعالجة مشاكل المواطنين.

وخلاصة القول فانه لكي يمكن للحكومة ان تستمر بفعالية، فعليها ان تتصرف بشكل سليم وتعود كما كانت اما رؤوما لاولادها وبناتها، والنظر الى مشاكلهم بشكل مباشر ومن دون وسطاء لكي يهتف الشارع ويقول «الله يعز الحكومة».

 

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك