آن الأوان لأن نعيد صياغة أولويات خطابنا الديني والوطني..احمد المليفي

زاوية الكتاب

كتب 1176 مشاهدات 0




مراقب
إعادة صياغة الخطاب الديني
احمد المليفي 

بعيدا عن الصيحة والخلاف حول تصريح وزيرة التربية بشأن تعديل المناهج وخاصة الدينية يجب أن نقر جميعا بأن مناهجنا التربوية من رياض الأطفال إلى الجامعة تحتاج إلى عملية جراحية كبيرة لتتمكن من تخريج أجيال قادمة قادرة على أن تكون شريكاً رئيسياً في عملية التنمية لأن مناهجنا الحالية ما هي إلا حشو معلومات نتائجها النهائية إذا كان لها نتائج فهي تخرج لنا طالباً عبارة عن كتاب جديد من نسخة قديمة وهذا ما أكده الإطار العام لخطة التنمية الخمسية الذي قدمته الحكومة للمجلس فنسبة التحصيل العلمي في العملية التربوية لم تتجاوز كمتوسط 55 في المئة في كل المراحل بين الذكور والإناث.

أقول اننا اليوم في حاجة إلى إعادة صياغة الخطاب الديني سواء في المناهج المدرسية أو من على منابر المساجد حتى يلامس قضايا الوطن وحاجات الناس ولنا في قصص القرآن عبرة فالرسل والأنبياء سلام الله عليهم يحملون رسالة واحدة وهم مرسلون من رب واحد ولكن كل منهم حمل أولوية مختلفة عن الآخر ليلامس حاجات مجتمعه الذي ارسل له ويعالج مشاكله وإلا كانت رسالته في واد وكان الناس في واد آخر.

خذ مثلا سيدنا لوط جاء وعالج قضية اللواط باعتبار أنها مرض مس أخلاق المجتمع وخذ مثلا آخر سيدنا شعيب عالج قضية الميزان والغش في الأوزان لأنها سلوك متفشٍ يمس أمانة الإنسان وحق الآخر وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم جاء بأكثر من أولوية باعتباره خاتم الأنبياء والرسل فعالج الكثير من القضايا ومنها الشرك لأنه مرض منتشر عند العرب في ذلك الوقت وجاء بلغة عربية فصيحة لفصاحة العرب وعالج وأد البنات وتحرير العبيد وغيرها من القضايا وكانت جميعها تخص المجتمع وتلامس احتياجاته وتسلط الضوء على ممارساته.

لذلك علينا دون مساس بثوابتنا الشرعية القائمة على أصول الدين الخمسة أن نحدد أولوياتنا كمجتمع كويتي ونركز عليها في الخطاب الديني لأنه الأقوى تأثيرا والأكثر قدرة على التغيير في سلوك الإنسان إذا ما استخدم استخداما صحيحا.

علينا التركيز في الخطاب الديني على العدالة والمساواة بين أفراد المجتمع فنحقق وبصورة يفهمها طفل اليوم وعقل الشاب فيمارسها في حياته العملية عندما يعرف حقيقة وعمق ما يعنيه الإسلام بأنه لا فرق بين عربي وعجمي إلا بالتقوى. علينا أن نربط حماية المال العام بحماية الدين وان المال العام ليس فقط مال الميزانية أو الهيئة العامة للاستثمار بل كرسي الطالب في المدرسة والإنارة في الشارع والشجرة في الطريق كلها أموال عامة حمايتها واجب ديني ووطني.

وان نبين للناس أن احترام الطريق يمنعنا بأن نقذف بالكلنكس أو أعقاب السجائر المشتعلة من نافذة السيارة لأن ذلك مخالف للدين. وان نحافظ على الكهرباء وان نغلق التلفزيون والإنارة عندما نكون في غير حاجة لهما وان نقتصد بالماء لأنها كلها من الدين ونحن نثاب بالمحافظة عليها ونعاقب عند التفريط بها. علينا أن نعلم أبناءنا أن احترام الوقت والالتزام بالنظام والدور وعدم الكذب كلها أمور من صلب الدين.

المهم لقد آن الأوان لأن نعيد صياغة أولويات خطابنا الديني والوطني بعد أن نحدد المشاكل التي نريد علاجها وسنجد لحلها أصلاً في الدين ونعمل على صياغتها صياغة قابلة للفهم والتطبيق ونغرسها في عقول وممارسات أبنائنا لنحصل على جيل جديد يؤمن بالمفاهيم الدينية الحقة ويربطها بالحقوق الوطنية ليكون الدين سياجا حاميا للوطن ويكون كذلك حاميا لهم من الانحراف بأي شكل من الأشكال.

 

 

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك