لا ينكر اثنان أن هناك تجاوزات صارخة، وتعدٍ على المال العام، ولكن هذا لا يبرر استمرار بعض النواب في هجومهم على ديوان المحاسبة.. رأي د. مبارك الهاجري

زاوية الكتاب

كتب 1005 مشاهدات 0


 

لا تجعلوا ديوان المحاسبة ساحة حرب!
 
 
لا يشك عاقل في ما لديوان المحاسبة من أهمية قصوى، كونه الجهاز الرقابي الأول في الدولة، والساعد اليمنى للديموقراطية، ولولا الجهود الجبارة التي يبذلها العاملون في الديوان، وهم من المشهود لهم بالكفاءة والأمانة، لما تم كشف الكثير من التجاوزات المالية في العديد من الوزارات والمؤسسات الحكومية، والمستغرب أن هناك حملة تشن الآن ضد الديوان ورئيسه عبدالعزيز العدساني، وهو الذي أتى إلى كرسيه بـ 65 صوتاً من أصوات السلطتين التشريعية والتنفيذية، إلا أن ذلك لم يشفع له، رغم شهادة معارضيه وإشادتهم بنزاهته، وبتاريخه الوطني المشرف.
لا ينكر اثنان أن هناك تجاوزات صارخة، وتعدٍ على المال العام، ولكن هذا لا يبرر استمرار بعض النواب في هجومهم على الديوان، فالمسؤولية هنا تقع على عاتق النواب لمحاسبة من أدانته تقارير الديوان، لا أن يتم توجيه الدفة في الاتجاه المعاكس! وما يثير الغثيان حقاً، أنك ترى هؤلاء النواب الذين يهاجمون الديوان في هذا الوقت تحديداً، كانوا قبل أعوام قليلة في سبات عميق، وصمت مريب تجاه وزارات يتولاها ابن القبيلة، رغم رائحة الفساد التي أزكمت الأنوف! وعندما تغير الحال، وخرج من خرج، سخنت الحديدة، وازدادت حرارتها، فكانت فرصة لمن يدعي أن الصراخ على قدر الألم، لأن يمارس وصلة النواح والبكاء على أطلال المال العام، بينما ملف التجاوزات في المؤسسة العامة للتأمينات ماثل أمام عينيه، دون أن يكون له موقف واضح وصريح، وهو ملف سبق أن نبه إليه الكثير من الزملاء والمختصين، ملف بالغ الخطورة، وينذر بعواقب وخيمة في المستقبل القريب، في حال استمر صمت النواب عما يحدث في هذه المؤسسة من خسائر وتجاوزات فادحة، أشارت إليها تقارير ديوان المحاسبة بكل شفافية!
* * *
يبدو أن من طالب بإقرار الدوائر الخمس يقف الآن متحسراً على ما آلت إليه الأوضاع، من هول ما يرى، فقد أفرزت الدوائر الخمس نواباً لا يمتلكون الحد الأدنى من الثقافة النيابية، إضافة إلى جهلهم بمواد الدستور! وكأن لسان حاله يقول: أما كان من الأفضل زيادة الدوائر الـ 25 السابقة، إلى 30 أو ربما 35 دائرة، فكلما ازدادت الدوائر ازداد معها فرص الأقليات، وذوي الكفاءات، مما يساهم في ارتقاء الأداء البرلماني، بدلاً من فوضى الدوائر الخمس البرتقالية!
* * *
استبد عشق أحد الأقلام لأحد النواب، حداً جعله يرى الأمور بعين واحدة، فهذا النائب مقدس لديه، ويكاد أن يصل إلى مرتبة العصمة! بل وخط أحمر، ممنوع الاقتراب منه، أو حتى الإشارة إليه ولو بحرف واحد، أو حتى نقده لتصحيح أمر خاطئ من باب النقد الموضوعي والهادف!


مبارك محمد الهاجري
كاتب كويتي
[email protected]
 
 
 

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك