'المطلقة' سلعة مستهلكة انتهت صلاحيتها!!

محليات وبرلمان

لماذا ينظر المجتمع بأنها المخطئة دائما دون معرفة الأسباب الحقيقة؟

2365 مشاهدات 0


الانفصال بين الزوجين أمر شائع ويحدث في كل المجتمعات، ويعد الطلاق أحد الحلول التي يلجأ لها الأزواج بعد انسداد كافة الطرق لتكملة مسيرة الحياة فيما بينهم، ويتم التوجه له بعد أن تصل الأمور لمرحلة حاسمة، ومن يعتقد أن الطلاق ليس حلا فهو مخطئ، ولكنه 'أبغض الحلال عند الله ' ، وتتعدد  الأسباب والظروف التي تؤدي لهذا الانفصال،  لكننا في مجتمعاتنا الخليجية بالذات ننظر إلى أحد أطراف هذا الانفصال، ونحمل المرأة التي نطلق عليها اسم  'مطلقة ' المسئولية في معظم الأحيان،  ونطلق ألستنا ونظرتنا السلبية لها، بحيث نقيدها من جميع الجهات، فما أن تصل لمسامع أحدهم انفصال زوجين وحدوث الطلاق بينهم، إلا وسرعان ما تبدأ أصابع الاتهام تشير إلى المرأة، ويبدأ القمز واللمز نحوها , لدرجة أن بعضهم قد يمسها بشرفها لأنها فقط انفصلت عن زوجها، والأسوأ أن حتى النساء أنفسهم ينظرن للمطلقة بنظرات أقسى من الرجل نفسه، و تتناسى أنها ربما تكون يوما ما بنفس مكانها، فتجدها ترفض أن يقترن ولدها أو أخاها بامرأة مطلقة حتى و إن كان بنفس وضعها الإجتماعي قد انفصل مسبقا عن زوجته، و هذا يثبت حقيقة الأمر المر الذي تعانيه المرأة، لأنها ترى بأن الرجل لا يعاني مثلها من باب أن الرجل 'شايل عيبه' فيبدأ حياته  من جديد  بكل سهولة، حتى وإن كان هو السبب الرئيسي بتدمير زواجه الأول، ومع ذلك تسير الأمور بسلاسة من طرفه، والمجتمع  لا ينظر له بنظرة مشابهة للمرأة المطلقة.

تتلقى المطلقة في بعض الأحيان معاملة سيئة من قبل أفراد المجتمع وبمن يحيطون بها، فتجد الناس من حولها اتخذوا سلوكا آخر معها منذ بدء انفصالها، وآخرون يعتقدون أنها بحاجة للعطف والاهتمام أكثر فيحاولوا التقرب أكثر منها واستغلال ظروفها، وكل منهم يتخذ مسلكا مغايرا عما كان يسير عليه قبل أن تنفصل هذه المرأة سواء كانوا رجالا أم نساءا، وبعضهم ينسج حولها القصص المخيفة والتي لا تنطبق عليها لكنه اعتمد على مسماها 'مطلقة ' الذي يثبت أي شيء ينطق به نحوها، وتحوم حولها الشائعات وتصبح كالمرض المعدي الذي يخافه الجميع، بالإضافة إلى القيود الاجتماعية والنفسية التي تفرض عليها، خاصة من أسرتها التي عادت لهم محملة بالحزن و الألم، فتجدهم يشعرون كأنهم يستقبلون  أمرا خاطئا جلب إلى منزلهم أو أن حملا ثقيلا يعيش بينهم، فيحاولون قدر الإمكان أن يقيدوا من حريتها ومنعها من الخروج من المنزل إلا للضرورة،  و لا تعمم هذه التصرفات على جميع الأسر لكنها تحدث لدى البعض، والأدهى أن العاطفة لا مكان لها في هذه الظروف، ويتناسون أن هذه المرأة كانت في يوم من الأيام ابنتهم التي تربت على يدهم وعلى قيم وسمات هذه الأسرة التي تثبت تلك التصرفات بعض الأمور منها أنهم لم يحسنوا في تربيتها أو أنهم ينظرون من خلال ما يرون فيه أي امرأة مطلقة  من منظور المجتمع وليس من أعينهم، وكأنها هي السبب الرئيسي  في تدمير منزلها، وكان ملزم عليها أن تتحمل أكثر مهما تكن الظروف ولا تفكر بالانفصال أبدا، وبعضهم يفضل أن تعود إليه ابنته جثة هامدة على أن تعود لمنزله منفصلة عن زوجها، لأنه لا يستطيع تحمل نظرة المجتمع وعلامات الاستفهام التي ستحوم حولها بسبب انفصالها .

ونجد بالمقابل لدى بعض الأسر مراعاة الظروف التي تمر بها ابنتهم المطلقة، ونظرة تفاؤلية بأنها ستتمكن مستقبلا من بناء حياة أخرى، ولن ينتهي المطاف عند هذا الانفصال، فتجدهم يقفون معها خاصة في هذه اللحظات الأولى من الطلاق لما يصاحبها من ألم نفسي وحالة ضعف وحزن تنتاب المرأة لأن قرار الانفصال وارتداء لقب 'مطلقة ' ليس أمرا سهلا خاصة في مجتمعاتنا، وقد نجد البعض منهن لا تعلن حالة الانفصال ولا تحبذ التصريح بها ليستمر الوضع كما هو من قبل الناس كي لاتتعرض لسماع بعض الكلمات و 'النقزات ' التي يصنعها الناس حولها، أو تطرح مواضيع تتعلق بوضعها أمامها دون مراعاة للمشاعر وقد تصل للقذف ورمي التهم علنا، ولكل امرأة وسيلتها للتكيف مع المجتمع الذي فرض عليها سياجا قويا حولها، قد لا تتأقلم بعضهن عليه وتفضل العزلة والوحدة على مواجهة الواقع .
 
المرأة 'المطلقة' والتي سمحنا لأنفسنا بتقييمها من هي ؟! أليس بالإمكان أن تكون والدة أو أبنة أو أختا أو زوجة سابقة أو إحدى القريبات، فهل كل النساء المطلقات سيئات؟! أفلا نلتمس لهن العذر ولا نحكم عليهن مسبقا، فهناك من النساء المطلقات من رغبت بالهروب من جحيم كانت تعيش به، فكم من زوج جائر لايعرف طريقا للدين ولا الإنسانية، يمارس ماحرم الله علانية دون خجل، ويظلم زوجته وأبناءه دون رحمة أو شفقة، ولكنها حتما ستفاجئ بجحيم من نوع آخر بانتظارها بعد طلاقها من زوجها، يتمثل بنظرة المجتمع لها والذي يضم أهلها وأصدقائها وكل أحبائها الذين ينهشون بأنيابهم لحمها بنشر الصورة السيئة عنها ورفض وجودها بينهم وكأنها سلعة تم شرائها واستهلكت ولم يعد يرغب بها أحد، فهكذا البعض يقيم المرأة بسبب عقلية قد فرضت عليهم ممن حولهم سواء كانت الأسرة التي تعيش بينها أو المجتمع أو الإعلام بجميع أصنافه.
 
 
 
 
 
 

الآن - تقرير: فوز الظاهر

تعليقات

اكتب تعليقك