محمد العوضي يكتب عن الخرافات والبدع التي تُرتكب باسم الدين عند الاضرحة والمقامات والقبور

زاوية الكتاب

كتب 1903 مشاهدات 0




خواطر قلم 

 أبوزيد... وعبّاد القبور!
 
 
 
قبل أن نبدأ بسلسلة مقالات عن منهج نصر حامد أبوزيد في فهم النص الديني وانتصاراته للمذهبين المادي والغنوصي في ازدواجية غريبة شلت عقول المنبهرين والمنبهرات بطرح ليس فيه جديد يستحق الذكر لكل من كان لديه اطلاع على اطروحات من سبقه من فلول الماركسيين وبقية المدارس الفكرية التي اعتمدت إما على منطلقات فكرية ومذاهب غربية او اختارت من التراث ما جددت احياءه بلغة عصرية!!
... قبل أن أبدأ بسلسلة أبوزيد المصري ومريده، أنهي ما كتبت من مقالات متلاحقة عن موقف المسلم من الخرافات والبدع التي تُرتكب باسم الدين عند الاضرحة والمقامات والقبور سواءٌ كان المقبورون من الاخيار والابطال الصالحين.
أو من أخشاب وجذوع الاشجار وعظام حيوانات أليفة صنعها محترفو الدجل لنهب أموال الناس بالعواطف.
ولقد كانت تلك المقالات توضيحاً وتفريقاً بين جواز ومشروعية زيارة القبور المتفق عليها عند جميع المسلمين وبين الفلكلور والتصرفات المحزنة التي يرتكبها جهلة المسلمين بعواطف صادقة!! وما كان هذا التوضيح لولا الفهم الخاطئ الذي وقع فيه البعض عندما اعترضوا على سؤال اختبارات مقرر التربية الإسلامية عن ما يجري من أخطاء من زوار القبور.
اليوم أنقل لكم بعضاً من كلام الأديب المصري الشهير مصطفى لطفي المنفلوطي المتوفى 1924م وهو أحد تلاميذ الامام محمد عبده كتب في نظراته تحت عنوان «دمعة على الإسلام» فقال: «كتب إليَّ كاتب من علماء الهند كتاباً يقول فيه انه اطلع على مؤلف ظهر حديثاً بلغة «التاميل» وهي لغة الهنود الساكنين بناقور وملحقاتها بجنوب مِدْراسْ، موضوعه تاريخ حياة السيد عبدالقادر الجيلاني وذكر فضائله وكراماته فرأى فيه من بين الصفات والألقاب التي وصف بها السيد عبدالقادر ولقّبه بها صفاتٍ وألقاباً هي أجدرُ بمقام الألوهية منها بمقام النُبوة فضلاً عن مقام الولاية كقوله: «سيد السموات والأرض» و«النافع الضار» و«المتصرف في الأكوان» و«المطلع على أسرار الخليقة» و«محيي الموتى» و«مبرئ الأعمى والأبرص والأكمه» و«أمره من أمر الله» و«ماحي الذنوب» و«دافع البلاء» و«الرافع الواضع» و«صاحب الشريعة» و«صاحب الوجود التام» إلى كثير من هذه النعوت والألقاب.
ويقول الكاتب انه رأى في ذلك المؤلف فصلاً يشرح فيه المؤلف الكيفية التي يجب ان يتكيف بها الزائر لقبر السيد عبدالقادر الجيلاني يقول فيه أول ما يجب على الزائر ان يتوضأ سابغاً ثم يصلي ركعتين بخشوع واستحضار ثم يتوجه الى تلك الكعبة المشرفة وبعد السلام على صاحب الضريح المعظم يقول: «يا صاحب الثقلين أغثني أمدَّني بقضاء حاجتي، وتفريج كربتي» «أغثني يامحيي الدين عبدالقادر، أغثني ياولي عبدالقادر أغثني ياسلطان عبدالقادر، أغثني يابادشاه عبدالقادر، أغثني ياخوجة عبدالقادر» «ياحضرة الغوث الصمداني ياسيدي عبدالقادر الجيلاني عبدك ومريدك مظلوم عاجز محتاج إليك في جميع الأمور في الدين والدنيا والآخرة».
ويقول الكاتب ايضاً ان في بلدة «ناقور» في الهند قبراً يسمى «شاه الحميد» وهو أحد أولاد السيد عبدالقادر كما يزعمون وأن الهنود يسجدون بين يدي ذلك القبر كسجودهم بين يدي الله، وأن في كل بلدة وقرية من بلدان الهند وقراها مزاراً يمثل مزار السيد عبدالقادر فيكون القبلة التي يتوجه إليها المسلمون في تلك البلاد والملجأ الذي يلجأون في حاجاتهم وشدائدهم إليه، وينفقون من الأموال على خدمته وسدنته في موالده وحفلاته ما لو أُنفق على فقراء الأرض جميعاً لصاروا أغنياء». انتهى كلام الاديب المنفلوطي. ولكن بماذا عقب على هذه الرسالة الحزينة...
انظر الجزء الثاني من كتابه النظرات تحت عنوان «دمعة على الإسلام».
لم يُبالغ صاحب الرسالة فإن فروق التخلف التي غرق في ظلامها المسلمون ورثت لنا مصائب فكرية وآفات سلوكية تحتاج الى ثورة عاقلة لتصويبها وغربلة التراث منها...
فنحن مع تراثنا بين فكي كماشة، قوم يعيشون أوهاماً واحباطات وتوارث تقديس غير المقدس ويقعون ضحايا بالمجموعة من المتصلحين القائمين على الاضرحة والمقامات لسلب أموال الناس بتثوير عواطفهم، والكماشة الثانية أصحاب النزعات المادية والاتجاهات العلمانية يوظفون التراث بطريقة انتقائية لزعزعة أسس اليقين في نفوس الأجيال ويستعينون بمذاهب وفلسفات الغرب الإنسانية وغيرها لتأويل التراث بل ونصوص الوحي وتفريغها من محتواها أو تكيفها مع الانتماءات الايديولوجية التي يقدسونها وأحد هؤلاء نصر حامد أبوزيد فلابد من الجهاد الفكري والعقدي في تصحيح المسارين!


محمد العوضي

الراى

تعليقات

اكتب تعليقك