محمد مساعد الدوسري يطالب بإعادة تأميم محطات الوقود لصالح الشعب

زاوية الكتاب

كتب 1063 مشاهدات 0



أعيدوا محطات الوقود للشعب

كتب محمد مساعد الدوسري
 
بالأمس كان هناك برنامج على قناة العربية يحمل عنوان «رئيس بالصدفة»، وتناول البرنامج من ضمن ما تناوله عملية الخصخصة التي جرت في مصر خلال السنوات الأخيرة، وما اقترفه النظام هناك من بيع لقطاعات منتجة ومدرة للمال إلى تجار وأقارب لقيادات النظام، من أجل التنفيع فقط وليس علاجا لخلل القطاع الاقتصادي في مصر، حيث اعتبرت هذه السياسات سببا في سقوط النظام هناك، وهذا ما جعل خصخصة قطاع محطات الوقود في الكويت يقفز في ذهني فجأة، إضافة إلى فضيحة تهريب الوقود المدعوم التي مازالت فصولها مستمرة بين لجان التحقيق التي شُكلت من أجلها.
خصخصة محطات الوقود في الكويت هي من أغرب عمليات الخصخصة التي سمعت بها، فقطاع كهذا يدر أموالا للدولة وباعتباره من القطاعات الحيوية المهمة للبلاد طبقا لأهميته الاستراتيجية وعلاقته بالأمن الوطني، لا أعتقد أنه مؤهل للخصخصة وبيعه بأبخس الأثمان إلى أي تاجر مهما يكن أهميته أو قربه من أصحاب القرار، فإذا ما عرفنا أن هذه الخصخصة لم ترجع على الدولة بأي فائدة فإننا نتأكد بخطأ القرار المتخذ بخصخصتها، فما نتج عن هذه الخصخصة هو تفريغ هذا القطاع من العمالة الكويتية فيها، وعدم تطوير هذا القطاع سوى ما قامت به الشركات الفائزة بطلي ألوانها على هذه المحطات، فضلا عن استجلاب عمالة أفريقية للمرة الأولى في الكويت، وكأننا بحاجة إلى جنسيات أخرى للعمل في البلاد.
الأمر الآخر والأشد خطرا في موضوع خصخصة هذه المحطات، هو ما أُثير عن تهريب للوقود إلى دول مجاورة، ولنكن واضحين إلى إيران والعراق، علما أن الدعم المقدم أو الإعانة التي تقدمها الدولة لدعم المنتجات البترولية بميزانية وزارة النفط  قد قفزت من 125 مليون دينار في الحساب الختامي لسنة 2009/2010 إلى مبلغ يقدر بـ 1029 مليون دينار في الحساب الختامي لسنة 2011/2012، وهي قفزة هائلة لمستوى الدعم ما يوحي بحقيقة تهريب الوقود المدعوم من الدولة، وكل ذلك على ذمة ما ذكر في صحيفة «الراي» الزميلة في تقرير صحافي تحدث عن لجان تحقيق شكلت من جهات حكومية عدة لاحتواء هذه القضية التي تمس الأمن الوطني، فضلا عن كونها سرقة من الدولة بحكم أن الوقود مدعوم بأموال الدولة.
لم نسمع في الماضي عن تهريب للوقود عندما كانت المحطات تابعة للدولة بشكل مباشر، والسكوت عن هذا الموضوع الخطير هو سكوت عن خطر يتهدد بلادنا، فاختراق هذا القطاع الحيوي يشكل خطرا على أمننا الوطني، فضلا عن تواطؤ اللصوص لسرقة أموال الدولة عن طريق تصدير الوقود إلى دول أخرى والحصول على فوارق الأسعار بين الدولتين، وأنا على يقين أن هذه القضية ما كانت لتتم لولا خصخصة محطات الوقود وجعلها مطية لتحقيق ثراء البعض مما لا يراعي مسائل الأمن الوطني وحرمة المال العام، وعلى ذلك فإن التركيز على هذه الفضيحة هو أمر هام نتيجة مساسها بالأمن الوطني وحرمة الأموال العامة.
إن خصخصة قطاع محطات الوقود هو أمر لا يمكن السكوت عنه، ويجب إعادة النظر فيه وإعادة هذا القطاع إلى الشعب عن طريق تأميمه من جديد، فلا توجد أي إضافة تستحق الإشارة لها بعد أن تمت خصخصة هذه المحطات، بل أن الموضوع تطور لندخل في فضيحة تهريب الوقود، ما يؤكد فشل هذه السياسة التي بدأت في أحد أكثر القطاعات أهمية من الناحية الأمنية، فضلا عن اعتبارها موردا رئيسيا يساعد الدولة في توفير أموال هي أولى بها من التجار، وإذا كانت سياسة الخصخصة قائمة على البيع والتخلص فقط من قطاعات الدولة المدرة للأموال، فذلك قمة في الغباء الذي لا جدوى معه إلا بإزالة من رسم سياساته الغبية.

 

 

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك