د.معصومة تتهم المعارضة بأنها قلة تريد اختطاف الدستور

زاوية الكتاب

كتب 642 مشاهدات 0



القبس

خريف الأقلية.. وربيع الدستور!
كتب معصومة أحمد إبراهيم :
 
في الوقت الذي تتأهب فيه كويتنا الحبيبة للاحتفال بـ «ربيع» الدستور الكويتي بمناسبة مرور 50 عاماً على وضعه عام 1962، على يد الأمير الأسبق الشيخ عبدالله السالم، طيب الله ثراه، لتتخذ البلاد طريقها إلى الحداثة، في هذا الوقت يزدحم المشهد السياسي في بلدنا بقلة يريدون أن يختطفوا الدستور، الذي هو ملك الشعب كله، ويستأثروا بتطبيق دلالته كما يحلو لهم، وإذا لم يفلحوا في مسعاهم خلعوا الدستور من مكانته الرفيعة، وأطاحوا به بعيداً، غير عابئين بأن هذا الدستور إنما هو السياج الحصين للوطن والمواطنين على السواء!
فالدستور الكويتي كان بمنزلة مفصل تاريخي عزز «الديموقراطية التلقائية» التي جُبل عليها شعبنا منذ مئات السنين، ثم أخذ بيد البلد لتلحق بقطار الحداثة، وجعل العالم ينظر بإعجاب إلى شعبنا الكريم الذي تربطه بحكامه علاقة متميزة، نسيجها المحبة والأخوة، وعمادها التقدير والتوقير في وقت معاً! والدستور الكويتي لم يكن فقط ضامناً لحرية المواطن، ومجسداً لتشبث الكويتي منذ القدم بكرامته وحقوقه الطبيعية، بل إن دستورنا كان من الرقي بحيث وضع حدوداً وأطراً وأسساً للعلاقة بين أفراد الشعب بعضهم وبعض، ثم بينهم وبين الدولة ومؤسساتها، وهو ما جعل شعبنا، في وقت مبكر من بناء دولتنا، موضع إعجاب العالم الذي تطلع بدهشة إلى الكويتيين وهم يبادرون إلى إقامة دستور ديموقراطي، بعد أشهر قليلة من التمتع بنعمة الاستقلال، ليضربوا للجميع مثلاً بأن الشعب لا تعيبه قلة عدده أو صغر مساحة أرضه، ما دام مؤمناً بحريته، ومتمسكاً بحقوقه الطبيعية، وهي كلها حقوق رسخها الدستور الكويتي، ووضع الآليات الضامنة لاستمرارها وتعزيزها، مراعاة لطبيعة مجتمعنا، ولخصوصية العلاقة الراقية بين الشعب وأسرة الحكم على هذه الأرض الطيبة، وهذا هو السر وراء تمتعنا بنموذج من الحياة مغاير لكل ما نشهده في دول أخرى تعيش شعوبها مكممة الأفواه، ليس من حقها النطق إلا بما يطرب الحاكم، ولا التحرك إلا في إطار رضاه!
فما بالنا يصدمنا، كل يوم، مشهد «أقلية» من سياسيينا وإعلاميينا أبوا الا أن يتخذوا من الدستور جسراً لبلوغ أهدافهم الشخصية، وتحقيق مصالحهم الذاتية، وبعد أن يحققوا النجاح نجدهم يعادون الدستور ذاته، وينتهكون ثوابته، ويتلاعبون ببعض نصوصه، ويطالبون بتغيير البعض الآخر، متناسين أنهم أقلية (يعيشون أيام «خريفهم» بعد أن انفض الشعب من حولهم)، ومن ثم ليس من حقهم اختطاف الدستور الذي هو من أهم مكتسبات الكويتيين عبر التاريخ، وأنهم إذا كانوا يؤمنون حقاً بالديموقراطية، فيتعين عليهم الامتثال لما تراه الأغلبية، فهي التي تمثل طموحات المجتمع وتطلعاته، ويجب على من يتصورون أنهم، وحدهم، يحتكرون تفسير النصوص، أن يتحلوا بقليل من التواضع، لأن التفافهم على ثوابت الدستور، وتعمدهم تمزيق ردائه، سيقضيان على الكثير من مكتسباتنا التي سيكون أولها الدستور ذاته، ولكن آخرها، لا قدر الله، ربما يكون الحدود والوجود معاً!

أ.د. معصومة أحمد إبراهيم

 

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك