ماصنعه عمر بن الخطاب في عام الرمادة كان نموذجا للقيادة الرشيدة.. سلوي الملا تثني على سياساته الإغاثية

زاوية الكتاب

كتب 4732 مشاهدات 0




سياسات عمر بن الخطاب الإغاثية

 
كتب سلوى الملا
 
2010/10/08    09:16 م

 
تتعرض دول فقيرة اسلامية وغير اسلامية، لنكبات وكوارث ومصائب تحل بها، تعجز معها سياستها عن ايجاد الحلول، ليكون بعد ذلك النداء العالمي من قادتها لطلب المساعدة والاغاثة من دول العالم، وتلجأ دولها الى منظمة الأمم المتحدة ومنظمة الغذاء العالمي التي بدورها تصدر اعلانا وتوجه نداءات اغاثة للدول الأعضاء والدول الغنية لتقديم المساعدات للدول الفقيرة والمنكوبة، والتي تعاني نقص الغذاء.
من الدول الاسلامية الفقيرة في القارة الافريقية جمهورية النيجر وهي عضو في منظمة المؤتمر الاسلامي والتي يشكل المسلمون فيها %98، والتي للأسف يجهل الكثير تلك المعلومة!
دولة حبيسة وتعاني الفقر المدقع والمجاعة نتيجة الجفاف والتصحر والجراد ولا توجد سدود مائية تساعد على الاستفادة من نهر النيجر في عملية الزراعة والتي بدورها تساعد في نمو المراعي التي يعتمد عليها في رعي الأغنام..
في زمن الفضائيات التي يسهل لنا معرفة ما يتعرض أخوة لنا في دول العالم، وفي زمن سهولة المواصلات والتنقل والسفر وفي زمن أشكال التكنولوجيا والتطور الذي يشمل مجالات عدة صحية واقتصادية وزراعية وصناعة وغيرها.. أن نجد أخوة لنا وبشر من العالم يموتون جراء الجوع والمجاعة التي لا تبقي على صغير ولا كبير ولا ترحم حيواناً هزيلاً!! تعرضت شبه الجزيرة العربية في زمن خلافة الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في أواخر العام 17 من الهجرة النبوية وأوائل العام 18هـ، لمجاعة أطلق عليها عام الرمادة، لتحول لون التربة للون الرمادي، مجاعة وصلت لأسوأ أحوالها حتى قام الناس بحفر بيوت النمل للبحث عن طعامها! ومعه بدأت أعداد كبيرة من اللاجئين الأعراب من سكان المناطق حول المدينة عاصمة الخلافة، باللجوء الى أمير المؤمنين للحصول على الطعام والشراب والبحث عما يسد جوعهم وعينهم، وهنا مع هذه الأزمة الكبيرة التي حصلت في عهد خلافة الفاروق بينت مدى عمق الخليفة ورشده وعبقريته وعمق انسانيته وادارته، واهتمامه بالشعب ومن لجأ اليهم من لاجئين وصل عددهم الى ستين ألفا تقريبا، كانت قيادة عمر رضي الله عنه قدوة في انه جعل من نفسه قدوة في امتناعه عن الطعام والشراب ومنع أهل بيته ولم يستغل المنصب والقيادة ليكون بأفضل حال! كان يراقب ويحاسب حتى بات الصحابة رضوان الله عليهم جميعا يخشون على سيدنا عمر الهلاك لاكتفائه بأكل الزيت. كان يقوم بالاشراف على إعداد الطعام وتوزيعه على اللاجئين والبيوت فردا فردا. في تلك الأزمة كتب عمر الى عمرو بن العاص والي مصر، والى معاوية بن أبي سفيان والي الشام، والى أبي عبيدة بن الجراح والي حمص. وهذا فعل اتخذه عمر بعد ان نفدت الامكانيات المادية في المدينة وما حولها، وعندما زاد عدد اللاجئين من البدو في المدينة، وهذا ينم عن سياسة رشيدة في الاعلان وشفافية في التعامل والتعاطي مع الأزمة التي كانت تعترض دولة الخلافة..
ما قام به الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في أزمة عام الرمادة، المجاعة التي كادت ان تقضي على أعداد كبيرة من المسلمين، كان نموذجا رائعا ورشيدا للقيادة الرشيدة والتي أدركت وطبقت في تلك النداءات توجيها فعليا لمعنى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، اذا اشتكى منه عضوٌ، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى». وقوله صلى الله عليه وسلم:«المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا».
وعن أبي سعيد الخدري: «من كان له فضل ظهرٍ فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل من زادٍ فليعد به على من لا زاد له».
أين نحن كشعوب وأين القيادات المسلمة من تلك السياسات الراشدة وغيرها من سياسات، في اغاثة المنكوبين في باكستان وفي النيجر وغيرها من دول فقيرة ومنكوبة..؟
نقدر جهود الجمعيات والهيئات الخيرية والهلال الأحمر القطري، ولكن العمل الاغاثي يحتاج جهوداً وسيولة وسياسة وعملاً لمساعدة تلك الدول الفقيرة للاكتفاء الذاتي.

سلوى الملا
 

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك