مُلتقيات القبيلة.. وشيخها !!

زاوية الكتاب

كتب 8042 مشاهدات 0


ظهر في الآونة الأخيرة تهافت كثير وتسابق سريع , على إقامة ما يسمى ملتقيات قبيلة كذا وكذا, وحينما تبحث في أسبابها ومعطياتها وأهدافها تجدها ملتقيات فارغة تتنافس على شهرة زائفة من خلال الظهور عبر شاشات قنوات ( أبو ريالين) ملتقيات ليس لها مادة سوى التغني على أطلال بائدة بقصائد تشيد بمبدأ القتل والسفك، كل ذلك على حساب القبيلة وسمعتها .
  حضور أبدان وانعدام فكر يخدم المجتمع, تؤدّى بعض برامجها بطبل ورقص, وبعد طول انتظار جرّاء فقرات طويلة مكررة تقليدية يصدع بها بوق يصدّع الرأس. يتسابق أكثرية الجمع إلى أكبر الصحون خشية أن يسبقه إليها عكاشتها!  وبعد نهاية جمعهم هذا لا يجدون ما يتحدثون عنه سوى كبر المخيّم وكثرة الحضور الذي لا ثمرة له ثم يختلفون على أسمج قصيدة مدح وقد يتنازعون في فارسها المفضل لديهم الذي حينما يأتيه الخبر قد يغضب على من لم يفضلوه مما ينتج عنه تفرقة جديدة، تُصرف مئات الألوف في بضع ساعات وتنتهي بجديد من النزاع المالي والاجتماعي وفقراء الأسرة يزدادون فقرا.
 ملتقيات نشرت الفرقة بين أبناء القبيلة تبدأ  بالداعي لها, ثم الخلاف على التنظيم الباهت والنهم الزائد للحصول على الأضواء على حساب أسرته وسمعته، متناسيا أن المطلوب في أي اجتماع ؛ حضور الفكر وبذل المال والبناء التنموي بما ينفع البلد والمجتمع، لا حضور الأبدان والبذخ المالي والتغني بتاريخ الأجداد .
  فرق بين ما سبق, وفكرٍ حرٍ متجرد يساهم  بأدوات العصر بما يفيد المجتمع  والوطن والأمة. العجيب أن من يدعو لها فرد يدّعي أنه شيخ قبيلة دون مستند رسمي بذلك, وقد فاته أننا نعيش في ظل زمن الدول, حيث تلاشت استقلالية الشيخ وميزته وصارت الأنظمة تنصّب وتعزل من تشاء .
 لقد أصبح الشيخ التقليدي الذي لم يتطور ويتجدد في هذا العصر في مؤخرة الركب، حيث تجاوزته النخب السياسية والاقتصادية وأهل الفكر من أفراد القبيلة، الذين نالوا حظا من التعليم والثقافة والحرية، فأصبح الشيخ  إلا من رحم الله مجرد أداة يحاول التقرب إلى بعض المتنفذين ولو على حساب أسرته أو قبيلته، تاركا واجباته التي بها يكون شيخا حقيقيا، وقد يستخدم أحيانا أداة ضد قبيلته مما ينتج عنه صدامات داخلية تؤدي لتفكيك القبيلة. فليس أحد من أفراد قبيلته  في حاجة شيخ دينصوري محنّط يجر خلفه شاعر يمدحه أو يقدّمه لأمير صغير لعله يقتات من مدحه أو ينال حظوة زائفة .
  لا يكون الشيخ مقدما في قومه إلا إذا اتصف بالعلم والتضحية والصبر والتحمل والإيثار والعفو والكرم وحسن الخلق وأصبح في مقدمة واجبات قبيلته مثل ماكان جده، وحتى نكون منصفين فإن بعضهم يتصف بذلك ولكنهم وللأسف قليلون جد، وإن الواجب على الحفيد أن يحافظ على سمعة تاريخه ويبذل ما يمكنه من ايجاد رابط وثيق يكون امتداداً لما قدّمه أسلافه, وليحذر أن يؤتى مجده من قِبَله، فكما أنه يتكئ على تاريخ مجيد؛ يجب أن يواصل المسيرة في امتداده وتألقه ويضيف عليه كل سلوك يسمو به ويرتقي به إلى الأفضل.
 كما قال الشاعر : نبني كما كانت أوائلنا تبني ـ ونفعل فوق ما فعلوا.

بقلم الباحث: منصور مروي الشاطري  ‏

بقلم الباحث: منصور مروي الشاطري

تعليقات

اكتب تعليقك