أحمد الديين يستعرض محاسن الدائرة الواحدة وتصويت القائمة النسبية لكنه يدعو لاعطاء الفرصة لنظام الدوائر الخمس التوافقي حتى تظهر سلبياته وايجابياته

زاوية الكتاب

كتب 1418 مشاهدات 0


 

عالم اليوم

مع الدائرة الواحدة... ولكن! 

 

 .

 

بغض النظر عن الرأي والموقف تجاه المناشدة الأخيرة، التي وجهها الأمين العام للمنبر الديموقراطي الأخ الكبير عبداللّه النيباري إلى صاحب السمو الأمير لإصدار مرسوم بقانون وفقاً لمقتضيات الضرورة، التي تقررها المادة 71 من الدستور، لتعديل قانون الانتخاب بحيث تجرى الانتخابات المقبلة على أساس نظام الدائرة الواحدة وعلى قاعدة التصويت النسبي للقوائم... لابد من التوضيح أنّ هذا التوجّه نحو الدائرة الواحدة والتصويت النسبي للقوائم ليس وليد اليوم، ولم يكن فقط نتاج التعقيدات الآنية، التي تواجهها بعض الأطراف في استعداداتها لخوض الانتخابات النيابية المقبلة، وإن بدا الأمر في الظاهر كذلك، إذ سبق للأخ عبداللّه النيباري أن قدّم ورقة تتضمن اقتراحاً في هذا الشأن إلى لقاءات القوى السياسية والكتل النيابية خلال فترة التحرك المطالب بإصلاح النظام الانتخابي «نبيها خمس»، وكذلك فقد سبق أن أعدّ الأخ الكبير أحمد السعدون اقتراحاً بقانون مفصلاً ومحكماً في هذا الشأن وذلك قبل الانتخابات بفترة طويلة، وهناك مداولات مطوّلة شهدتها اجتماعات القوى السياسية والكتل النيابية خلال الأشهر الماضية قبل الانتخابات لبحث مشروع الدائرة الواحدة وإشهار الأحزاب السياسية... وهذا ما يوضح أنّ الأمر كان مطروحاً قبل الانتخابات، وأنّ شبهة الغرضية الانتخابية الآنية مردود عليها!

وأما عن الشبهة الدستورية، التي يمكن أن تثار حول نظام الدائرة الانتخابية الواحدة، فيمكن الرد عليها بأنّ القصد من نصّ المادة 81 من الدستور بأن تحدد الدوائر الانتخابية بقانون، ليس المراد به أنّه لا بد أن تكون هناك دوائر انتخابية عدة وليس دائرة واحدة، وإنما القصد منه أنّ القانون هو الأداة التشريعية اللازمة لتحديد الدوائر الانتخابية، وليس الدستور، ولا المرسوم الأميري، ولا القرار الوزاري.

وصحيح أيضاً أنّ نظام التصويت النسبي له أفضليته في جوانب كثيرة على نظام التصويت الأكثري المتّبع في الكويت، ولكن في الوقت نفسه فإنّ للتصويت النسبي سلبياته ونواقصه وثغراته... وعلى أي حال فإنّ هناك العديد من النظم الانتخابية المتبعة في العالم، ولكنها تتحدد كاتجاهات رئيسية في ثلاثة نظم انتخابية هي: النظام الأكثري، وهو أقدم النظم الانتخابية، وأبسطها، ويقوم على انتخاب المرشح الحاصل على أكثرية الأصوات... ونظام التمثيل النسبي، ويقوم على توزيع المقاعد للقوائم وفق النسبة التي حصلت عليها من إجمالي الأصوات، فالقائمة التي تحصل على نسبة 10 في المئة من أصوات الناخبين يحق لها الحصول على النسبة ذاتها من عدد مقاعد البرلمان، وهو نظام أوفر عدلاً من غيره... والنظام الثالث هو النظام الانتخابي المختلط، الذي يجمع بين النظامين الأكثري والنسبي... وهذا يعني أنّ النظم الانتخابية ليست واحدة في العالم، وأنّ هناك تنوعاً كبيراً لها في مختلف البلدان، وهي نتاج تطورات سياسية، وظروف كل بلد على حدة، وموازين القوى فيه، وطبيعة المشكلات، التي يعالجها هذا النظام الانتخابي أو ذاك.

وقد لا يكون نظام الدوائر الخمس هو النظام الانتخابي الأمثل، ولا هو الأعدل، وبالتأكيد فإنّ هناك العديد من الثغرات، التي تعتوره، ولكنه يبقى مع ذلك كله هو النظام، الذي تحركت الغالبية الساحقة من القوى السياسية والشبابية للمطالبة به، وهو النظام الذي تم التوافق عليه بعد أزمة سياسية طاحنة أدت إلى حلّ مجلس الأمة الأسبق في مايو من العام 2006، وإجراء انتخابات نيابية مبكرة، وبالتالي يفترض أن يعطى هذا النظام الجديد الفرصة العملية لتطبيقه على الأرض، هذا من جانب... ومن جانب آخر، فإنّ سابقة إصدار مرسوم بقانون خلال فترة الحلّ لإجراء تعديلات جوهرية على قانون الانتخاب قد تكون سابقة محفوفة بالمخاطر، فالمطالبة بالدائرة الواحدة والتصويت النسبي ليست مطروحة من فراغ، وإنما ضمن واقع سياسي، وهناك قوى أخرى لها أجندات مختلفة قد تستغل مثل هذه المطالبة،  فمثلما هو معروف فإنّ هناك اقتراحات مريبة ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب سبق طرحها لدائرة واحدة بصوتين، وهي أسوأ بكثير من نظام الدوائر الخمس والعشرين سيئ الذكر... ولنتذكر أنّ ذلك النظام نفسه قد فرضته سابقة مماثلة بقرار حكومي منفرد في غياب مجلس الأمة خلال فترة الانقلاب الأول على الدستور!

والخشية أيضاً أن يثار من بين ما يمكن أن يثار القول إنّ بحث موضوع الدائرة الواحدة والتصويت النسبي يتطلب وقتاً، بحيث يتعذر معه إجراء الانتخابات النيابية المقبلة في موعدها الدستوري خلال شهرين من صدور مرسوم حلّ مجلس الأمة، وهذا ما يعني أن يتحوّل الحلّ الدستوري إلى حلّ غير دستوري أو بالأحرى انقلاباً على الدستور، وهذا بالتأكيد ما لا يريده ولا يرضاه مؤيدو استحداث نظام الدائرة الواحدة بالتصويت النسبي للقائمة!

وأمام هذه الاعتبارات، فمن المفترض انتظار نتائج انتخابات الدوائر الخمس، ولا بأس من طرح مطلب الدائرة الواحدة والتصويت النسبي كحلّ بديل مقترح لإصلاح النظام الانتخابي خلال الحملات الانتخابية، والتوافق على عرضه كاقتراح بقانون على مجلس الأمة المقبل... فهذا أسلم وأوجب وأقل إرباكاً وبلبلة!

 

-

تعليقات

اكتب تعليقك