تقييم تجربة قانون هيئة أسواق المال بقلم عبدالرزاق عبدالله

الاقتصاد الآن

4272 مشاهدات 0

هيئة اسواق المال

من نافلة القول إن قانون هيئة أسواق المال رقم 7 لسنة 2010 من أكثر القوانين إثارة للجدل في تاريخ التشريعات الكويتية، إن لم يكن أكثرها على الإطلاق، وقد بدأ الجدل مبكراً حتى قبل تطبيق هذا القانون ووضعه موضع التنفيذ.

فرغم أن القانون المذكور قد جاء متأخراً، فإنه لم يحظ قبل صدوره بما يستحق من دراسة وحلقات نقاش كان يتوجب عقدها بين المختصين من الاقتصاديين والقانونيين ورجال المال والأعمال وكبار المسؤولين التنفيذيين بالجهات الحكومية ذات الصلة.

وحتى لا تأخذنا العزة بالإثم، ونحمل معاول الهدم لهذا القانون - رغم إقرارنا بكل مسالبه - فإنه من الإنصاف القول إن قانون هيئة أسواق المال كان من أصعب القوانين قاطبة على عاتق المشرّع، إذ يحمل في طياته مزيجاً من التشريعات أو النصوص التجارية، والإدارية، والإجرائية المدنية منها والجنائية، فضلاً عن النصوص الجزائية، وكل ذلك بالطبع بخلاف النصوص الاقتصادية وقواعد المالية العامة وآليات تنظيم نشاط الأوراق المالية والرقابة عليها، باعتبارها أساس هذا القانون ومحوره الرئيسي، فإذا أضفنا إلى ذلك أن القانون المذكور لم يأت على أطلال قانون سابق أو لترميم نصوص قديمة عفا عليها الدهر، بل جرى تشييده وصياغة مواده لأول مرة. لذلك، علينا أن نترفق في لملمة جراح هذا القانون، وعلينا كذلك أن نتسم بالكثير من الموضوعية في معالجة النصوص، ولا نكتفي هنا بتوجيه سهام النقد بقدر ما نهتم بتقييم التجربة الوليدة بما لها وما عليها، آخذين في الاعتبار الآمال العريضة التي أرادها المشرّع من وراء هذا القانون، ليس باعتباره الأداة الفعالة لضبط وتنظيم نشاط الأوراق المالية فقط، بل باعتباره الخطوة الأكثر تقدماً باتجاه تحويل الكويت إلى مركز مالي عالمي ومواكبة التطور الاقتصادي العالمي، بما يحمله ذلك من آثار إيجابية على الاقتصاد الوطني.

لكل ما سبق وبعد مرور أربع سنوات على إصدار قانون أسواق المال ولائحته التنفيذية، نرى أنه من الضروري إلقاء نظرة فاحصة ومتأنية على بعض نصوص هذا القانون، في ضوء ما أفرزه التطبيق العملي لتلك النصوص من مشاكل وسلبيات تستوجب إعادة النظر، سواء من حيث الصياغة أو الملاءمة أو الثغرات أو خلافه.

ولا يفوتنا في هذا السياق أن نشير إلى أن اللائحة التنفيذية لقانون هيئة أسواق المال رقم 7 لسنة 2010 لم تف بدورها في تفسير نصوص القانون وتفصيل مجمله وإزالة غموضه، بل زادت بعض الغموض الذي اعترى بعض نصوص القانون، وجاءت اللائحة بأحكام ونصوص لم يرد ذكرها بالقانون الأصلي، ما فتح الباب على مصراعيه للاجتهاد والتأويل واختلاف الآراء وتنازع الاختصاصات، لا سيما في ظل سكوت هيئة أسواق المال عن تفسير النصوص وبيان مقاصدها.

لذلك، يتعين علينا في معرض تفسيرنا للنصوص محل الخلاف، سواء في القانون أو اللائحة، أن نستلهم روح المشرّع والغاية التي أرادها من وراء النص وأثره الفعلي في تحقيق تلك الغاية، وصولاً إلى الهدف المنشود، آخذين في الاعتبار التبسيط قدر الإمكان، كي نصل بمبتغانا إلى أكبر شريحة من السادة القراء، لا سيما غير المتخصصين منهم.

المحامي عبدالرزاق عبدالله

الآن - القبس

تعليقات

اكتب تعليقك