صراعاتنا خاسرة بسبب غياب التوافق.. هكذا يعتقد عبد العزيز الفضلي

زاوية الكتاب

كتب 587 مشاهدات 0


الراي

رسالتي  /  آكلة الأكباد.. علي وعلى أعدائي!

عبد العزيز صباح الفضلي

 

من المعروف أن نتائج أي تفاوض لا تخرج عن إحدى هذه الأربع: إما أن يكسب الطرفان، وإما يخسر الطرف الأول ويكسب الثاني، وإما يكسب الطرف الأول ويخسر الثاني، وإما يخسر كلا الطرفين، والنتيجة الأخيرة بلا شك هي الأسوأ.

عندما أرى الصراع الدائر على ساحتنا المحلية، أجد للأسف أنه غالبا ما تكون نتيجته هي خسارة كلا الطرفين، دون أن نرى تنازلات تذكر.

تأملوا الصراع بين الحكومة والمعارضة، وبين المعارضة والمعارضة، وبين بعض الشيوخ والشيوخ، وبين الحكومة والحكومة، وبين بعض التجار....

أعتقد أن من يحب الكويت حقيقة هو الذي يتنازل عن بعض المكتسبات الجزئية أو المرحلية من أجل المصلحة العامة والكبرى والتي يتوافق عليها الغالبية، وإن كنا نطمح أن يكون التوافق بين الجميع.

أعجبني في ائتلاف المعارضة عند إقراره لبعض المطالبات الدستورية تنازل بعض أقطابه الرئيسيين عن بعض المواد من أجل تحقيق توافق.

وهذا الدور مارسه باحتراف حزب النهضة في تونس لتفويت الفرصة على من أراد إجهاض الثورة وإفشالها.

قرأت كلاما جميلا للدكتور عبدالله النفيسي في كتابه «من أيام العمر الماضي» -الذي صدرت طبعته الأولى مطلع هذا العام والذي سطر فيه تجارب من حياته - وهو يصف وضع البلاد قبل الغزو العراقي والصراع الدائر بين الحكومة والمعارضة فيقول «للأسف الأجواء في البلد لم تكن تشجع على مرونة في المواقف لا من طرف الحكومة ولا من طرف المعارضة التي أنتمي إليها وأؤمن بخطابها السياسي، المشكلة أن الحكومة عندها إمكانات وما عندها تصورات، والمعارضة عندها تصورات وما عندها إمكانات، وضاعت الديرة 1990 لفقدان التشاور بين الحكومة والسلطة من جهة، والمعارضة من جهة أخرى، وفي يقيني أن مأساة الغزو العراقي للبلد كان من الممكن تفاديها لو توفر في الكويت حالة من التوافق الداخلي» انتهى.

أوضاعنا اليوم لا تقل خطورة عن أوضاعنا قبل الغزو العراقي، بل لعلها أشد من حيث ضعف التماسك الخليجي، التنافر العربي - العربي لاختلاف المواقف تجاه الثورات العربية ونتائجها، تغير الموقف الأميركي المعلن تجاه إيران، والذي أصبح يبحث عن مصالح مشتركة قد تكون على حساب دول مجلس التعاون الخليجي، الترابط الطائفي والعقدي لولاية الفقيه في إيران وامتداداتها في الكويت والعراق والبحرين واليمن وبعض المناطق في السعودية والذي يميل نحو العنف وإقصاء الآخر، كل هذا وغيره إنما يدق ناقوس الخطر، على ما ستؤول له الأوضاع في بلادنا، وبقية الدول المجاورة.

فهل نستوعب دروس 2 أغسطس 1990، والتي بكى فيه كل كويتي على ضياع البلد -باستثناء من وجدوها فرصة لنهب الثروات التي بين أيديهم من استثمارات وناقلات- وهل بالفعل سنتدارك الخطر ونأخذ الحذر ونسعى لتوافق يحفظ البلد قبل فقدانها مرة أخرى؟ نأمل ذلك.

وعلى طريق التوافق ونبذ الخلاف أسوق لكم هذه الحادثة «كان لعبدالله بن الزبير مزرعة بمكة بجوار مزرعة لمعاوية بن أبي سفيان، وكان عمال معاوية يدخلونها، فكتب ابن الزبير إلى معاوية خطابًا كتب فيه: من عبدالله بن الزبير إلى معاوية بن هند بنت آكلة الأكباد، إن عمالك يدخلون مزرعتي، فإن لم تنههم ليكونَنَّ بيني وبينك شأن، والسلام».

فلما وصل الخطاب إلى معاوية كتب له خطابًا ذكر فيه «من معاوية بن هند إلى ابن الزبير ابن ذات النطاقين وابن حواري الرسول صلى الله عليه وسلم، لو كانت الدنيا لي فســـألتها لأعطيتكها، ولكن إذا وصلك خطابي هذا فضُم مزرعتي إلى مزرعتك، وعـــمالي إلى عمــالك، فهي لك. والسلام».

فلما قرأها ابن الزبير بلَّها بالدموع، وركب من مكة

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك