شالح .. الأب المكلوم

منوعات

2920 مشاهدات 0

شالح بن هدلان (صورة تقريبية)

ماذكر به حي بكا حي ياذيب
واليوم انا ببكيك لو كنت حيا

انا اشهد انك بيننا منقع الطيب
والطيب عسر مطلبه ماتهيا

هما نفثتان شعريتان لﻸ‌مير الفارس شالح بن هدﻻ‌ن من الخنافر’ من آل محمد’ من قحطان.

دمعت بهما عيناه وتلعثمت بهما شفتاه حينما أقبل ولده ' ذيب ' وقبّله على رأسه باحترام مهيب. إحساس أبوي جارف تجاوز مسافات الواقع إلى مفاجأت المجهول ’بكاءٌ وجدانيٌّ مباغت تمرد على أبجديات المجلس الرجالي تمردا ساميا يستشعر الحزن المؤجل. ما إن عاتبه أحد جلسائه على عبرته المتشائمة تفجر القلق المكبوت في أطواء روحه بهذه الكلمات اﻵ‌هات.

ﻻ‌مس شالح في ولده الشجاعة الﻼ‌محدودة ’ والعضد المعين على غوائل الزمن وأغﻼ‌ل الحياة ولم يزل ذيب فارسا فتيا يندفع إلى مغامرات الفروسية بما تنطوي عليه من بشائر الظفر واشتهار الخبر واحتماﻻ‌ت النهاية أيضا! كيف يتهافت اﻷ‌سى وكيف يتجلّى البكاءلو بكاه ميتا ؟ .. هذا اﻷ‌مير المثقل بفدائح المسؤولية ومعاضل المشيب يستشعر الخطر المحتمل على ذيب الذي كان جديرا ببكاء أبيه عليه حيا وميتا. أليس هو ذيب الموغل في برّه بوالديه بمشهدية انسانية تكاد ﻻ‌تلتمسها إﻻ‌ في القصص اﻻ‌سطورية. كان يمسك باﻹ‌ناء الملئ باللبن ويظل واقفا طوال الليل ’ وربما تجول قليﻼ‌ في المكان مهلﻼ‌ ومسبحا حتى تأتي قوافل الفجر منتظرا استيقاظ والديه ليسقيهما اللبن بوجه يهمي بشاشة وتلطفا. هاهو يتفادى اﻻ‌نتظار جالسا كي ﻻ‌يتسلل النعاس إلى عينيه فتفوته نظرات الرضا من عيون والديه.

إذا مضوا راحلين كان ذيب يستبق القوم بحثا عن الصيد حتي يكون الصيد مهيئا ﻷ‌بيه حين يلقون الرحال ليستريحوا. هذه المرة حاول ذيب البحث عن صيد يستحق فطال بحثه دون العثور على شئ

..ماذا يفعل ؟

..كان معتادا على ايقاد النار وتهيئة الطعام لوالده من دون تباطئ.. عادة سامية ﻻ‌يريدها أن تتعطل مهما تكن الظروف غير مواتية. من سيفكر بما فكر فيه ذيب؟ قليل أو نادر من سيقوم بما قام به ذيب

عمد إلى ناقته التي برفقته وذهب بها إلي ىمكان صاد ﻻ‌يراها فيه أحد ونحرها واستخرج أطيب وألين مافيها من لحم الشواء، أشعل النار وأعد الطعام منتظرا قدوم القوم وما إن اقترب شالح حتى نهض له ذيب باحترام شديد مرحبا به وكأنه ضيف كبير جاء للتو

بفطنته علم شالح بقصة الوجبة:

ذبحتها ياذيب
ابتسم ذيب راضيا:
تفداك يابوي
ياله من حرص وتفان في خدمة الوالدين تنبضان في عروق ذلك الشاب البدوي النقي، فهل نتعجب من بكاء أبيه عليه حيا وميتا؟

    

بقلم: رجا القحطاني

تعليقات

اكتب تعليقك