التصلب الفكري .. بقلم عادل العميري

زاوية الكتاب

كتب 1548 مشاهدات 0


تركت المعهد الديني في أول أسبوع لألتحق بالثانوية العامة بسبب عشقي للرياضيات. وبعد أن وبخني أحد قادة السلف وقال لن تجد جامعة أو تخصص علمي إلا ويشوبه الإختلاط وهو حرام وبذلك يكون المعهد الديني أفضل وأوجب عليك. منذ ذلك الوقت أدركت أنه لا يوجد تكتل أو جماعة لها الحق في احتكار الإسلام.

كعادتها، تتطور الدول بالتعددية أولا ثم بنمو الحوار الفكري بين التوجهات وإدارة الإختلافات باحترام جميع الآراء

ونحن في الكويت نعيش بداية تطور المدنية التي تضم الجميع تحت سقفها حتى رغم عناد التيارات الفكرية المتصلبة التي ستنضم عاجلا أم آجلا.

إن أصغر مواطن يدرك تماما أسلوب الحكومة وقدرتها المتواضعة على إدارة البلد ونجاحها الباهر في تفريق المجتمع، لذلك ليس هناك أدنى فائدة من توجيهها أو نصحها. بل ستكون الفائدة في مناقشة أسباب عدم تقارب التوجهات الفكرية ونفورها من بعضها لمحاولة إحتوائها في قالب مدني يقبله الجميع بتنازلات بسيطة من كل جهة. والتجارب السابقة للدول تؤكد أن أكثر التوجهات شمولية هي أسرعها نموا وانتشارا وقبولا بين المجتمع.


فلو بدأنا مثلا بالتيار الليبرالي في الكويت الذي أكاد أجزم أنه أضاع أهم مبادئ الليبرالية في حرية التعبير وحقوق الإنسان واختزل تجربة الغرب فقط في تفاهات التعري والتعدي بينما عميت أعينهم عن المبادئ الجميلة في الليبرالية ككرامة الإنسان وحريته في التعبير وحريته في ممارسة دينه وعاداته وحريته في طريقة حبه لوطنه وحريته في فصل عواطفه لوطنه عن أي عواطف لرموز الأشخاص في الوطن. ولم يجهد نفسه حتى في تقييم تجربة الغرب وإظهار سلبياته الاجتماعية فالغرب حاليا محتارون مثلا في تناقض إعطاء المرأة الحرية لتصبح أما دون زوج ودعم حرية ابنها في معرفة من هو أباه. وكثير من الأمثلة التي فشلوا فيها حتى أصبح Dr. Phil هو نبيهم الاجتماعي.

لذلك يجب على هذا التيار تقديم فكر أفضل لليبرالية والحريات التي أقرها الإسلام قبل الغرب وإظهار محاسنها التي يقبلها الجميع وليس مبارزة التيار الإسلامي بالتعري والمثليين وبقية التفاهات.

أما التيار السلفي الذي لم ير من الليبرالية إلا هذه التفاهات فهو أيضا لم ير من الإسلام إلا شعرة خرجت من حجاب مرأة وقطرة دخلت في فم صائم واستهلك أوقات المسلمين في مناقشة تلك القطرة أو تلك الشعرة.

إن مبادئ الاسلام الحنيف أكبر من أفقهم الضيق. إن الإسلام شريعة الله في الأرض وتصغيره بهذا الشكل هو والعياذ بالله تصغير لقدرة الله في تشريع يتلاءم مع بناء الدول.

إن في الإسلام شرائع قادرة على بناء دول متطورة تلزم حكوماتها بانتخابات ورقابة شعبية وشفافية مال عام وتطوير الطرق والمواصلات وتطوير مدن ومستشفيات ورياضة واقتصاد لم ولن يفهمها من أمضى عمره يناقش هل تكشف المرأه وجهها أم لا.

(البغلة) التي تخوف عمر رضي الله عنه من مساءلة الله له لم لم يمهد لها الطريق كفيلة بإرشاد (البشر) عن كيفية استنباط أحكام شرعية تجبر الأنظمة الحاكمة على تطوير أحدث أنظمة النقل من قطارات ومواصلات عامة وطرق وإنكار عدم تطبيق ذلك أو التأخر فيه بل ومحاسبة النظام. ولكن بعض الفقهاء غير قادر على فهم الإسلام فهما صحيحا.

ألم يطبق عمر رضي الله عنه أهم مبدأ من مبادئ العلمانية عندما جلد ابن عمرو بن العاص الذي تعدى على القبطي؟ ألم يفصل الدين عن الدولة في العدالة الاجتماعية والحقوق؟ هل أغلب ما تنادي به العلمانية أكثر من ذلك؟ ألم تتشوه صورة الإسلام بعدما أدخل في السياسية وعندما لُبست العمائم وأُطلقت اللحى لجذب الأصوات وأصبحت آيات القران الكريم مستقى لمانشيتات الحملات الانتخابية؟ هل الدولة الاسلامية لا تتحق الإ في نظام خلافة؟ أم أنه من الممكن تطبيق نظام إسلامي بدولة مدنية متطورة؟
هل يفهم بعض الفقهاء معنى فصل الدين عن الدولة قبل الاعتراض عليه؟ هل يظنون أنه تحجيم للإسلام أم تطبيق فعلي للإسلام بعدم استغلاله كسلاح في المكاسب السياسية؟

إن هذا التصلب الفكري بين التوجهات ومبارزة الآخر في ذكر أسوأ ما لديه هو انهزام حتمي للجميع.

ولا يخرج الفكر القبلي من دائرة المسؤولية في الحوار والتنازلات. فرغم أن الفكر القبلي هو أبعد التيارات عن المدنية نظريا إلا أنه على أرض الواقع هو أقربها وذلك لأنه ذاق الأمرين من تسييس القبيلة. فعندما أصبح حاملي التيجان القبلية والفزعات العرقية هم أغنى الناس، أمسى المصفقون وحاذفو العقل هم أشد الناس بؤسا.

لقد أدرك الفرد القبلي أن حصوله على واسطة من نائبه القبلي لترقية أو قبول في كلية يقابلها تدمير كامل للمؤسسات الصحية والتعليمية لمستقبل أبنائه.

أما التيار الشيعي وهو أحد عناصر هذا التكوين المجتمعي فهو مطالب أيضا بالدخول في الحوار وفصل الانتماءات الدينية عن الدولة. فلا يعقل أن ترتبط الآراء (السياسية) بفتوى مرجع (ديني) قد يكون أجهل الناس في بناء الدولة المتطورة.

لذلك يجب على جميع التيارات الفكرية والدينية محاورة الآخر والابتعاد عن التصلب بشرط إبعاد أخطر التيارات وهم تيار ( المرتزقة ) الذي لا يمكن محاورته ولا حتى احترامه كرأي آخر والعلم بأنه متواجد في جميع التيارات.

م. عادل حمود العميري

الآن-رأي: م. عادل حمود العميري

تعليقات

اكتب تعليقك