متى يطل علينا العيد؟!.. حسن كرم متسائلاً

زاوية الكتاب

كتب 440 مشاهدات 0


الوطن

العيد

حسن علي كرم

 

عندما كنا في المرحلة المتوسطة طلب منا استاذ اللغة العربية في حصة التعبير ان نكتب موضوعا عن انطباعاتنا بالعيد، وكان ذلك اليوم هو اليوم الاول الذي عدنا به الى المدرسة بعد اجازة العيد.. فقلت للمدرس وكان يقف الى جوار طاولتي: أنا لا احمل أي انطباع مفرح عن العيد، فقفز حاجبا المدرس الى اعلى جبهته علامة للاندهاش وقال: ازاي يا ابني ما تحسش بحاجة؟!! فقلت لا احس بأي ابتهاج أو فرح في العيد طبعا عدم ابتهاجي بالعيد لم يكن مانعا لكي يغير المدرس الموضوع الى موضوع آخر، بل اصر على ان يكتب كل طالب مشاعره بالعيد.
عندما قلت للمدرس انني لا اشعر بالعيد، لم اكذب أو أبالغ أو أشاكس إنما كانت الحقيقة فكنا نعيش فترة المراهقة، وهي فترة العبور من مرحلة الطفولة الى مرحلة الصبا والرجولة وهي فترة تتقلب فيها الامزجة والاضطراب النفسي، ما يجعل المشاعر غير مستقرة، وتزداد حالة الاضطراب والانقلاب النفسي مع ما يسود من اجواء اجتماعية او سياسية، ومثلنا لم يعش اجواء خلت من الاضطراب الاجتماعي أو السياسي، فمنذ ان انفتحت عيوننا على الدنيا ووعينا على الحياة، ونحن نعيش في محيط مضطرب سياسيا واجتماعيا ومعيشيا.. فمنذ الخمسينيات من القرن الماضي، وها نحن نطل على العقد الثالث من القرن الحالي لم يمر أسبوع أو يوم شعر فيه انسان هذه المنطقة بالهدوء والاستقرار والامان، فمن انقلابات عسكرية الى حروب كارثية الى نزاعات طائفية الى حروب اهلية الى هجرات قسرية، هذا ناهيك عن الزلازل والفيضانات والقحط وقلة الانتاج والمجاعة.. فهل بعد كل هذا لدى الواحد منا نفس للعيد وللفرح والابتهاج؟!!
هذه المنطقة واقصد منطقتنا العربية والشرق اوسطية ومحيطنا الاسلامي القريب والبعيد لم يهنأ أهلها بالهدوء والاستقرار فالحروب والاضطرابات والكوارث والنزاعات الطائفية والاهلية والانقلابات العسكرية لا تحدث الا في هذه المنطقة بينما انتعشت المناطق الاخرى من المعمورة بالاستقرار والامان والسلام، فكان ذلك كافيا لكي تزدهر وتتقدم وتزدهي صناعاتها وترتقي جامعاتها ويشعر الانسان هناك بقيمته الانسانية وبالمساواة والعدالة الاجتماعية.
ان بهجة العيد ليست بمناسبتها، فأنت لا يمكن ان تبتهج وفي داخلك كمية عظيمة من الحزن وإنما العيد ابتهاج النفس، فلعلك قد يصدفك خبر مفرح فتبتهج، وقد تعيش سنوات بلا ابتهاج رغم مرور الاعياد والمناسبات!!
لا شك في ان الانسان بطبيعته ميال الى الابتهاج والفرح والاناسة، ويستطيع ان يخلق جو الفرح والابتهاج اذا توافر ما يدفعه الى الابتهاج والفرح، لذلك رغم ما يحيطنا من اوضاع مأساوية وكارثية في غزة وسورية والعراق واليمن وبلدان الربيع العربي، لكن لا نملك الا ان نمد اكفنا الى السماء ضارعين الى العلي القدير ان ينعم على المنطقة وعلى كويتنا العزيزة بالسلام والامن والامان والاستقرار والهدوء، وليس ذلك عند الله ببعيد.
اقول كما قال المتنبي:
عيد بأية حال عدت يا عيد
لما مضى أم لأمر فيك تجديد

ولكن أقول متى يطل علينا العيد..!!

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك