بأي عالم عربي نحن نحيا؟!.. سؤال يطرحه ويجيب عنه صالح الشايجي

زاوية الكتاب

كتب 547 مشاهدات 0


الأنباء

بلا قناع  /  وما زال الدم يجري

صالح الشايجي

 

في غزة دم يجري وفي العراق وفي سورية وفي ليبيا، مازال دم يجري، وثمة بقاع تنتظر!

هل اعتدنا الموت! استسهلناه! أحببناه؟!

هل تم التطبيع بيننا وبين الموت الجماعي الفاجع؟!

هل تم تطويع قلوبنا لقبول الموت والتآلف معه، وربما الحنين إليه لو انقطع ساعة من نهار؟! فتروح أيدينا تحرك أجهزة «الريموت كونترول» بين الفضائيات بحثا عن الموت ـ إن صمت قليلا ـ فرحين بالقناة الأكثر عرضا للموت ونشرا له، وربما تخلق قنوات موتا من عندها إن لم تجد كاميراتها الغائصة في الدماء موتا على الأرض أو يهبط من السماء!

تجاوزنا مرحلة الموت برصاصة أو قذيفة أو صاروخ أو حتى منجنيق، فلقد ألفنا هذا الموت ولم يعد يشدنا كثيرا، فرحنا نبحث عمّا بعد الموت، عن التمثيل بالجثث!

«طالبان» تحز الرؤوس حزا، بسكاكين مثلومة غير مسنونة لتحدث مزيدا من الألم بصاحب الرأس المقطوع، فإذا ما تجمع لديها عديد من الرؤوس الآدمية، يقوم «مجاهدوها» ـ الذين تنتظرهم جنتهم بحورها وعسلها وخمرها ـ بدحرجة الرؤوس الطرية وركلها تشبهاً بلاعبي كرة القدم وهم يتقافزون ويتضاحكون فرحين بفوزهم العظيم.

و«داعش» وما أدراك ما «داعش»، تقطع الرؤوس وتعلقها لشمس النهار ولقمر الليل وللعيون الجائلة الباحثة عن مشهد يشغل فراغها.

وخصوم «داعش» يفعلون فعل «داعش» يسحلون الجثث ويمثلون بها.

الخصم في كلا الفريقين وحتى في الفرق الأخرى، ليس الروح التي تفيض بمجرد الموت ليصبح الجسد بلا معنى ولا قيمة، بل الخصم أيضا هو الجسد، فلا مزية للموت إن خطف الروح وطار بها، ولكن للجسد الميت نصيب من الانتقام والتشفي حتى يرتاح ضمير القاتل!

لا يتم هذا في الخفاء ولا تحت إحساس الخجل، بل أمام الكاميرات وأجهزة التوثيق بالصوت والصورة والمؤثرات، وهذا هو المهم في القضية، التوثيق والنشر والتوزيع والبث والإرسال ليزداد العالم نفعا ومعرفة.

إن الموت الصامت ليس هو رسالتهم، بل إن رسالتهم الموت الصاخب المبتكر بما يحمل من بشاعة وفظاعة وخلو من الإنسانية، ثم التبليغ والجعجعة والضوضاء، حتى تصل الرسالة إلى من لم يشهد الوقيعة رأي العين!

فبأي عالم نحن نحيا؟! 

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك