عن التحولات وحركة التاريخ!.. يكتب ناصر المطيري

زاوية الكتاب

كتب 516 مشاهدات 0


النهار

خارج التغطية  /  التحولات وحركة التاريخ

ناصر المطيري

 

تدور حولنا في عالمنا المعاصر أحداث قد يذهل منها العقل فمن تلك الأحداث ما يراه البعض تحولات أو تطورات سواء سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، ومن يفسرها بأنها ارهاصات لتغيير خريطة العالم وتحول في حياة الأمم، ومن يعتقد بأن بعض تلك الأحداث هي فتن تحتار فيها العقول ويتخبط الناس فيها بين الحق والباطل، غير أن هناك من يعزو ما يحدث - من زلازل سياسية وثورات وتناطح بين الدول والأديان والمذاهب وهرج ومرج- لحركة التاريخ والحضارة الإنسانية بتحولاتها التي تحكمها حركة الناس ودوران الزمن..
ولعلي هنا استحضر ما قرأته منذ زمن وهو كتاب للعلامة والمفكر الجزائري مالك بن نبي بعنوان «شروط الحضارة»، يتمركز الكتاب حول فكرة جوهرية وهي كيفية حل مشكلة الشعوب وبالأخص الاسلامية منها التي هي أساس لمشكلة حضارية. ولتجاوزها يجب علينا اولا كشعب مريض تحليل هذه المشكلة وتأملها واستنباط الشروط للنهوض بهذه الحضارة، فالحضارة عند مالك بن نبي تقوم على ثلاثة عناصر محورية هي الإنسان والتراب والزمن ولكن وجود هذه العناصر وحدها لا تكفي فلا بد أن يجمعها مركب آخر وهو الفكرة الدينية.
ما الحضارات المعاصرة والضاربة في ظلام الماضي والمستقبلة إلا عناصر للملحمة الإنسانية منذ فجر القرون إلى نهاية الزمن فهي حلقات لسلسلة واحدة، هكذا تلعب الشعوب دورها وكل واحد منها يبعث ليكون حلقته في سلسلة الحضارات، حينما تدق ساعة البعث معلنة قيام حضارة جديدة ومؤذنة بزوال أخرى.
ويرى المؤلف مالك بن نبي «أن من عادة التاريخ ألا يلتفت للأمم التي تغط في نومها وإنما يتركها لأحلامها التي تطربها حيناً وتزعجها حيناً آخر ولكن التاريخ يقرر أن الشعب الذي لم يقم برسالته أي بدوره في تلك السلسلة ما عليه إلا أن يخضع ويذل..».
أما في الماضي فقد كانت البطولات تتمثل في جرأة فرد، لا في ثورة شعب، وفي قوة رجل لا في تكاتف مجتمع، فلم تكن حوادثها تاريخاً بل كانت قصصاً ممتعة ولم تكن صيحاتها صيحات شعب بأكمله وإنما كانت مناجاة ضمير لصاحبه لا يصل صداه إلى الضمائر الأخرى فيوقظها من نومها العميق.
ولقد أبدع فيلسوف الحضارة مالك بن نبي رحمه الله في هذا الكتاب «شروط الحضارة» والنقطة المهمة التي تحدث عنها أيضاً هي قابلية الناس للاستعمار وأنه موجود في نفوسهم بشكل باطن. تحدث عن الحضارة بمفهومها التاريخي وكيف أنها لا تحدث في يوم وليلة.
وصف المرحلة الجميلة في الإسلام من عهد هجرة الرسول إلى حرب صفين 38 هـ وهو يعطي إشارة هنا إلى أن العصر الأموي أرجع المسلم إلى الوراء، وبالنسبة لشروط النهضة فقد اختصرها في هذه المعادلة:- الحضارة = إنسان + تراب + وقت، وتحدث بشكل مسهب عن الإنسان، وأهمية إعلاء الروح والعقل معاً.
الكتاب فيه أفكار كثيرة ومازالت صالحة في زماننا هذا ويجب الاستفادة منها للنهوض إذا اردنا النهوض فعلاً.

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك