كيف فشلت استراتيجية اوباما ضد داعش؟

زاوية الكتاب

كتب 2782 مشاهدات 0


المتتبع للقراءات لإعلان الرئيس أوباما لإستراتيجيته لمواجهة داعش يدرك أن إجماعا تشكل على فشل هذه الإستراتيجية الغامضة المعالم والأهداف.
مراقبون يرون أن الرئيس أوباما اضطر مكرها لإعلان تلك 'الإستراتيجية' (مجازا) بعدما أظهر إرهابيو داعش فيديو جز رأسي الرهينتين الأميركيتين مما أثار الرأي العام الأميركي مطالبا رئيسه بمعاقبة هؤلاء القتلة، وليست هناك قناعة لدى منظري القرار الأميركي بأن للرئيس أوباما أهدافا إستراتيجية واضحة مما أعلن في خطابه.
أرسل الرئيس الأمريكي وزير خارجيته السيد جون كيري ليجوب عواصم الحلفاء بالمنطقة محاولا إقناعهم هذه المرة بأن الرئيس جاد في القضاء على داعش ولكن يبدو أن ذلك بلا جدوى. حلفاء الولايات المتحدة- عربا وأتراك وأوروبيين بل وحتى إسرائيليين- مترددون في الوقوف المطلق مع الولايات المتحدة بقيادة السيد باراك أوباما، والسبب في ذلك هو تردد السيد أوباما نفسه وانعدام الرؤية لديه بتصوره لأوضاع سوريا والعراق بعد القضاء على داعش.
حلفاء أوباما من العرب يرون أن سياسات التردد واللامبالاة تجاه النظام السوري الذي بطش بشعبه طيلة السنوات الأربع الماضية هي التي خلقت حاضنة من اليأس لداعش وغيرها من الحركات السنية المتطرفة، كما أن الدعم الأمريكي لسياسات المالكي الطائفية والسكوت على مجازره ضد مناوئيه على مدى السنوات الثماني الماضية أسهمت بفعالية في خلق حواضن القهر الطائفي لمتطرفي داعش وغيرها من الحركات السنية، ناهيك عن أن السيد أوباما لم يشر بإستراتيجيته إلى ما سيكون عليه الموقف تجاه نظام بشار الذي أدت مجازره الدامية لخلق الحالة الداعشية بشكل مباشر وآخر غير مباشر، ويتساءل حلفاء أمريكا كيف أن ضرب داعش داخل سوريا لن يتم دون تنسيق مع نظام بشار وإن عن طريق طهران التي تنسق مع واشنطن في حربها على 'الإرهاب' منذ الحملة على طالبان عام 2001، فالتجارب بالماضي تؤكد أن طهران ترفع شعارات معاداة واشنطن ولكنها تنسق معها بالخفاء لمصالحها منذ 'صفقة الكونترا' ومرورا بالحرب على طالبان وضد داعش سويا هذه الأيام.
لم يشر السيد أوباما في إستراتيجيته لما سيكون عليه حال الحدود العراقية-السورية التي أصبحت أثرا بعد عين، ولا للحالة العراقية التي يحاول إيهام نفسه بأنها تجاوزت المحاصصة الطائفية بتبديل كراسي الحكم والحكومة ببغداد وبقاء الوضع على ما هو عليه، كما لم يشر أوباما إلى الدور الإيراني الأهم في العراق كواقع حال خصوصا بعد انهيار جيش المالكي ولعب إيران والميليشيات الموالية لها دور المقاتل على الأرض في مواجهة داعش. ونقولها بكل أسف، إن سياسات التطهير الطائفي التي مارستها حكومة المالكي بالعراق على مدى السنوات الثماني الماضية سبب رئيس في ما آلت إليه الأوضاع في غرب العراق وتمهيد أساس لتقسيم العراق لثلاث كيانات طائفية وعرقية: سنة بالغرب وشيعة بالجنوب والوسط وأكراد بالشمال الشرقي، وهنا مكمن الكابوس التركي وهي الحليف المسلم الوحيد للولايات المتحدة الأمريكية بمنظومة الناتو. الحليف التركي يتوجس خيفة من تردد أوباما بعد 'قص الحبل فيهم' –كما نقول باللهجة الخليجية- العام الماضي بتحديده ساعة الصفر لضرب نظام بشار بعد استخدامه الأسلحة الكيماوية ضد شعبه، فوضعوا قواتهم بالدرجة القصوى للاستعداد واستعدوا للتعامل مع تبعات ضربة أميركية لدمشق لم تأت فكانت تبعات غيابها أسوأ على الشعب السوري من حدوثها، إذ كسرت معنويات الثوار وأعادت الروح للنظام وأطلقت يده بالإيغال بالقتل والتدمير بالطيران والبراميل المتفجرة. كما تتوجس تركيا خيفة من التسليح الغربي المحموم للأكراد لأن واقع الشرق التركي هش ومتقلب وسيزداد هشاشة لو أعلن الأكراد دولتهم بشمال العراق وهي الدولة التي لم يعد ينقصها سوى إعلانها. ولتركيا أزمة آنية مباشرة مع داعش حيث تحتجز أكثر من خمسين رهينة تركي من العاملين بالموصل ساعة سيطرتهم عليها قبل شهور، وتخشى أن يكون مصيرهم مثل مصير رهائن أمريكا لو شاركت بحرب مفتوحة ضد داعش، ناهيك عن أن تورطها ضد داعش يعني بالتبعية التخفيف عن نظام بشار.
حتى حلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين مترددون في الدعم المطلق للسيد أوباما، فبريطانيا تتحجج برفض البرلمان للمشاركة بحرب مفتوحة مع استعدادها للمساعدة اللوجستية، وفرنسا التي كانت قد جهزت طيرانها الحربي على المدرجات العام الماضي للمشاركة في ضرب نظام الأسد غير واثقة بسياسات السيد أوباما المترددة.
أثناء إلقاء السيد أوباما لخطاب 'استراتيجيته' ضد داعش الأسبوع الماضي، عرج على سجل سياساته الاقتصادية المحلية وعدد النجاحات التي أنجزها لصالح الشعب الأمريكي بالداخل، خروج السيد أوباما عن الهدف من إلقاء الخطاب استغربه بعض المتابعين، لكن متابعون آخرون ترجموه ضمن سياسات تخبط الإدارة الأميركية في هذه المرحلة تجاه تطورات المنطقة والتي سمتها التردد والغموض، ولعل من المفيد أن يترجم مستشارو الرئيس أوباما له هذا البيت من الشعر الذي ربما يختزل أسباب فشل 'إستراتيجيته' ضد داعش:
إن كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة، فإن فساد الرأي أن تترددا

كتب سعد بن طفلة (نقلا عن المدى العراقية والشرق القطرية)

تعليقات

اكتب تعليقك