أنور الرشيد يكتب عن أوضاع اليمن

زاوية الكتاب

كتب 3102 مشاهدات 0

انور الرشيد

ما يحدث في اليمن هذه الأيام ليس كما يشاع ويروج هجوم الحوثيين بدعم من إيران لتمكين الشيعة من الخاصرة الجنوبية للجزيرة العربية بعد أن أمنوا الخاصرة الشمالية ، هذا الكلام غير صحيح البتة وينقصه الكثير من الإجابات لكي يمكن أن نصدق بأن هذا الأمر صحيح ، أنا لا أنكر بأن هناك دعم إيراني للحوثيين و أنا شخصيا التقيت بشباب الحوثيين على هامش مؤتمر في صنعاء هذا العام وسألتهم سؤال مباشر هل أنتم مدعومون من إيران فكان جوابهم المنطقي هو أن لم نحصل على دعم خارجي من أي طرف كان فكيف نستطيع أن ندافع عن أنفسنا ضد قوات علي عبدالله صالح الذي كان يقصفنا بالمدفعية الثقيلة والطائرات الحربية والطوافات المجهزة بصواريخ أرض جو ، نفس المنطق استمعت له من الحراك الجنوبي ، فهم يتعرضون لأبشع أنواع الانتهاكات والفقر وسرقة الأراضي من قبل الدحابشنه كما يسمونهم أي من الشماليين ، والجنوبيين يرون بأنفسهم بأنهم أكثر علما وحضارة وتعليم وثقافة وانفتاح من الشماليين ،كما أنهم يشعرون بظلم شديد وقع عليهم من تلك الوحدة التي خاضوها بإرادتهم الحرة.
في جلسة لي مع الرئيس علي سالم البيض في بيروت العام الفائت قال لي بأنهم أصلا هم طلاب وحدة وكان الشعب الجنوبي يسعى لها ودخلوها بحسن نية صادقة ولكنهم تعرضوا لنكوص على كل الوعود التي كانوا قد حصلوا عليها من نظام على عبدالله صالح.
اليوم اليمن يمر بمرحلة جديدة وتاريخ جديد بعد أن استطاع شباب الثورة اليمنية إسقاط نظام علي عبدالله صالح ، ومن الملاحظ لم يسقط نظام علي عبدالله صالح إلا بعد أن تحول عبد المحسن الأحمر من موالي لمعارض لنظام علي عبدالله صالح وهو من بيت الأحمر الذي يمثل المعقل والراعي و زعيم تيار الإخوان المسلمين في اليمن مما غير المعادلة في موازين القوة على الأرض بين قوات علي عبدالله صالح المدعوم من السعودية وهذا أمر ليس بسري فكلنا نتذكر عندما تم تفجير المسجد الذي كان في قصر علي عبدالله صالح وكيف تم ترميمه خلال ثلاثة اشهر في المملكة العربية السعودية وأعادوه بأسرع وقت ممكن لممارسة دوره ، ومن ثم بدأت المبادرة الخليجية تأخذ مجراها بالأحداث في اليمن حتى تم الاتفاق على أن يتنحى علي صالح عن السلطة بعدة شروط منها عدم المسائلة واشترط براءة ذمة وحصانة قضائية من البرلمان وحصل عليها واعتقد وأشك بقوة أن يكون احد الشروط التنحي هو تعيين أبنه احمد علي عبدالله صالح سفيرا في الإمارات العربية المتحدة ، التي اتضح حاليا بأنه هو المنسق العام للانقلاب اليمني الذي يحدث الآن على الأرض.
المعركة الآن هي لإسقاط الأخوان المسلين في اليمن أسوة ببقية الدولة التي وصلوا لسدة الحكم بها سواء بمصر أو في اليمن أو حتى في تونس التي فهم الإخوان جيدا اللعبة مبكراً وجعلوها بيدهم لا بيد عمرو .
المعركة في اليمن لن تكون بتوقعي شبيهة لمعركة مصر أو تونس أو حتى ليبيا أو أي مكان أخر في المنطقة ، المعركة في اليمن ستجري ببحر من الأسلحة المتوفرة بشكل لا نظير له في أي دولة في العالم حتى أفغانستان ليس بها هذا الكم الهائل من الأسلحة و تنوعها ، الليل البارحة ادخل الحوثيين وبقية حلفائهم علي عبدالله صالح والناصريين والعبثيين دبابات لصنعاء قصفوا بها محطة القناة التلفزيونية الرسمية ومدفعية ثقيلة ولازالت الاشتباكات مستمرة وسوف تستمر حتى إسقاط الإخوان أو استسلامهم ومخطئ من يعتقد بأنها اشتباكات عقائدية كما يصورها البعض لكي يحول القضية كأنها قضية مذهبية بين مذهبين فكل القضية هي القضاء على الأخوان المسلمين في أخر معاقلهم ، وهذا ما يحدث الآن ، لذلك هناك إرادات التقت على نقطة فرضتها الظروف والأحداث فجمعت الأضداد لمواجهة عدوا واحد إلا وهم الإخوان المسلمين ، من يتابع توكل كرمان الحاصلة على جائزة نوبل للسلام وهي إحدى القيادات الأخوانية النسائية يستشف بأن نداءاتها ودفاعها كله ينصب حول مكتسبات الثورة الشبابية اليمينة والإخوان يعتبرونها مكتسابتهم رغم أنهم دخلوا المعترك في وقت متأخر مثل دخول أخوان مصر المتأخر ولكنهم جنوا الربح الكبر منه.
لذلك سيسقط خلال الأيام القادمة أخر معاقل الإخوان المسلمين في المنطقة بعد أن لاح لهم في الأفق ملامح الخلافة الإسلامية التي سعوا لها خلال الثمانين عاما الماضية ، وأضنهم اليوم مُدركون بأن التحالف الدولي الذي تشكل لإنهاء دور داعش وهي نواتهم التي يطمحون لتوسيعها هو تحالف موجه أساسا لمن يفكر بهذا الاتجاه .
أما إيران ودورها فيتمثل بالتماهي مع هذا التوجه ليس بضرب الأخوان ولكن بهدف أعلى واسما ألا هو أن لا يكون هناك أي تجربة ديمقراطية يتم تداول السلطة بها بشكل سلمي وحضاري في المنطقة ومن أي طرف كان ، وهذا التوجه تتفق عليه كل دول المنطقة ، لذلك الحرب اليوم ليست بالضرورة أن تكون ضد الأخوان أو أي فصيل أخر، ولكن للضرورة أن تكون حرب ضد دمقرطة المجتمعات الشرق أوسطية ، ففي بالنهاية حرب طرف لا يريد هذه الديمقراطية وشعوب تطمح لها ولكنها عاجزة رغم ثورتها في الربيع العربي التي أجهضها الاستبداد المتجذر في المنطقة سواء كان عربيا أم فارسيا في النهاية استطاعوا اجهاض الربيع العربي بكل السبل

الآن - أنور الرشيد

تعليقات

اكتب تعليقك