هذه مشكلة الكويت الحقيقية كما يراها عمر الطبطبائي

زاوية الكتاب

كتب 955 مشاهدات 0


الراي

من بين الآراء  /  المجتمع الكويتي.. ونحر العقل (5)

عمر الطبطبائي

 

«إن مكامن الحرية هي: ضمائر حية، وقلوب زكية، وعقول ذكية...فإن خمدت روحها في مكانها، فلا دساتير تنفع، ولا قوانين تردع، ولا محاكم تمنع من أن يحل محلها القهر والقسر والاستبداد والحجر...فينكمش الصدق وترتفع هامات الكذب...وتتوارى الشجاعة ويسود الجبن...وينزوي الوفاء فتنشط الخيانة...وينكس العدل رأسه ويعم الظلم...وتتعالى صيحات النفاق وتغني شياطينة، على أنغام الطبقية والمحظوظية والمحسوبية، قصائد المدح الوثني الذي يمتهن آدمية الإنسان ويزرع بالمادح والممدوح...ويتغذى على هذه الثمار الخبيثة أبالسة النفاق وسادة المشعوذين المسبحين، قياما وقعودا وعلى جنوبهم ابان الليل وطوال النهار، بذكاء المستبد وفطنته ونفاذ بصيرته...فيجمد الفكر ويشرد الذكاء وينمحي الابداع...ويقع المجتمع كله في عثرة قاتلة مهلكة تودي به الى قعرالتدني وقاع الهبوط وتدفع به الى أسفل سافلين...د. عثمان عبدالملك الصالح

لقد ابحرنا في الاجزاء السابقة من هذا المقال عن ثقافة وسمات المجتمع الكويتي ولعلنا نجد في مقدمة الراحل د. عثمان عبدالملك في كتابه النظام الدستوري والمؤسسات السياسية في الكويت ملخص سمات ما تبقى من مجتمعنا اليوم، وانا لا أبالغ ابدا في هذا.

المشكلة الحقيقية ليست في غياب المنهج، ولا في طريقة ادارة العوائد النفطية، ولا في سطحية عقول الكثير من قيادات هذا المجتمع، وليست كذلك بإعداد الحلول اللازمة للتخلص من كل تلك الثقافات والسمات البائسة التي جعلت من مجتمعنا أداة نحر لكل ما هو جميل، المشكلة الحقيقية تتواجد في أمرين، أولهما وجود أطراف أو مجاميع صغيرة (راجع الجزء الأول) متحدة مع السلطة تسهم في أن يكون المجتمع كما هو بل وتسهم في جره أكثر الى مستنقع الضحالة حتى تستفيد وحدها من خيرات هذا الوطن!

لقد نجحت المجاميع الصغيرة في قتل الرادع الفردي لكثير من أفراد هذا المجتمع، فعلى سبيل المثال، اختيار شخصية غير مناسبة لكنها محسوبة عليها في المكان غير المناسب ساهمت في تجميد الفكر وتشرد الذكاء وقتل روح الابداع (كما ذكرها الراحل د. عثمان عبدالملك) واستبدالها بالوساطات وخلق ثقافة الولاء لهذه المجاميع وليس للوطن الأمر الذي ساهم في «وقوع المجتمع كله في عثرة قاتلة مهلكة تودي به الى قعر التدني وقاع الهبوط وتدفع به الى أسفل سافلين» ...

أما الأمر الآخر من المشكلة فيقع في انعدام «الرغبة» الجادة في اصلاح وبناء المجتمع من قبل السلطة ونواب الامة!

ان «الرغبة» الصادقة في بناء مجتمع متماسك تحت راية القانون والمواطنة الحقة وتحت منهج واضح المعالم كفيل بأن يسخّر كل الامكانات في بناء الفرد الكويتي من خلال مناهج التعليم والاعلام واعداد الخطط المناسبة والبرامج التنموية عن طريق جهات اختصاص محلية أو عالمية وربطها بتحديد اهداف عامة تبني هوية مجتمعية تواجه بثبات المتغيرات الاقليمية «بضمائر حية، وقلوب زكية، وعقول ذكية» ...

ان عدم الاعتراف في انحدار مجتمعنا والسكوت عمن لا يرغب في بنائه يجعلنا جميعا نشارك مع « أبالسة النفاق وسادة المشعوذين المسبحين» في نحر عقول اجيال هذا الوطن ...

د ا ئ ر ة م ر ب ع ة :

البداية رغبة...وفي المنتصف عمل...والنهاية نجاح !!...

 

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك