تونس أنهت مسلسل الربيع 'الإخواني'!.. بنظر باسل الجاسر

زاوية الكتاب

كتب 739 مشاهدات 0


الأنباء

رؤى كويتية  /  تونس أطلقت ربيع الإخوان وحولته خريفاً

باسل الجاسر

 

سقط نظام زين العابدين بن علي رسميا في ديسمبر 2010 بعد ثورة شعبية عارمة عرفت بأنها فاتحة ما سمي بالربيع العربي الذي ركبه دائما تابعو حركة «الاخوان المسلمين»، المنتشرون في البلاد العربية، ولكن ولاءهم دائما كان لمرشدهم ولم يعرفوا الولاء للاوطان او الشعوب.. المهم حدث ارتباك في الدولة فالرئيس هرب واعلن رئيس الحكومة انه مكلف من رئيس الجمهورية بإدارة البلاد، ولكنه لم يبرز ما يفيد بتفويضه فقررت القوى الشعبية تولي رئيس مجلس النواب محمد المبزع في يناير 2011 الذي كلف بدوره الأستاذ محمد الباجي قائد السبسي، وهو رجل الدولة العتيد الذي تمرد على سطوة بورقيبة، وتحدى الرئيس السابق بن علي ليصبح رئيسا مؤقتا للحكومة لإدارة البلاد والتهيئة لانتخاب مجلس نيابي مؤقت لوضع دستور جديد.

وبالفعل تمكن السبسي وخلال سبعة أشهر من تحقيق الاستقرار وإنجاز انتخاب المجلس الوطني التأسيسي في 23 اكتوبر 2011 وسلم السلطة بهدوء ودون أي مطالبات لأنه أنجزها في زمن قياسي لم يتوقعه أشد خصومه، فخرج الرجل وأسس حزب نداء تونس الذي استقطب كافة أطياف الشارع التونسي، بيد أن انتخابات المجلس المؤقت اكتسحتها حركة النهضة، وهي فرع حركة الإخوان المسلمين في تونس وكانت متسلحة بأموال تغطي عين الشمس، لدى شعب اغلبيته تعيش تحت خط الفقر.. فاستولت النهضة على الاغلبية وشكلت الحكومة وعينت رئيس الدولة بعد ان وضعت في الدستور المؤقت جواز عزله وجعلت سلطته شكلية فأتت بالمنصف المرزوقي رئيسا من خارجها «ولكنه حليفها» وعينت رئيس المجلس التأسيسي ايضا من خارجها حتى تعطي انطباعا بأنها لا تحتكر السلطة وانها تحكم من خلال ما سموه «ترويكا» أي تحالف مجموعة أحزاب.

كان يؤمل أن تكون مدة هذا المجلس المؤقت 9 أشهر أو سنة على الأكثر، إلا أن المجلس استمر وتواصل وكان من الممكن أن يستمر كاستمرار حماس في غزة، ولكن يقظة الشعب التونسي بقيادة حركة الشغل وهي أكبر حركة عمالية يحسب لها ألف حساب منذ أيام بورقيبة وبن علي، فأوقفوهم رغم الإرهاب الذي مارسته حركة النهضة عبر من تحالفت معهم من قوى الإرهاب، فتم اغتيال المعارضين الكبار الذين كان أبرزهم شكري بلعيد ومحمد البراهمي، ناهيك عن تواطئها لذبح مجموعة رجال الأمن في جبل شعانبي.

هذا بالإضافة لما اطلقوه من فرق امنية خاصة بحركة النهضة لإرهاب معارضيهم، ورغم كل هذا وبعد مراوغة ومناورة ومخاتلة رضخوا لإرادة الشعب مجبرين لا مخيرين مستفيدين من تجربة زملائهم في مصر إلا أنهم وخلال فترة سطوتهم حاولوا جاهدين إصدار قانون العزل السياسي ليعزلوا كافة خصومهم وكان على رأس القائمة قائد السبسي ولكن الشعب كان لهم بالمرصد، فتم تغيير رئيس الوزراء الإخواني برئيس مستقل أقره المجلس التأسيسي وأقر الدستور النهائي بالتوافق الشعبي ورغما عما تملكه النهضة من اغلبية في ذلك المجلس.. فأجريت الانتخابات وفق الدستور الجديد وخاضها حزب نداء تونس متصديا لحزب النهضة الإخواني الذي سمح لمعظم منتسبيه بنكران انتسابهم للنهضة خوفا من معاقبة الشعب لهم، ورغم مما يدفعونه من اموال وزكوات وصدقات استخدموها كرشى، إلا أن نداء تونس والاحزاب الانسانية الاخرى اكتسحوا مقاعد المجلس التشريعي الجديد، وهكذا انتهت انتخابات الرئاسة بالأمس بسقوط مرشحهم الذي لم تعلن النهضة دعمها له قط «اي بغش جمهور الناخبين» الا انهم كانوا يجاهدون لكسب مكان لهم في احد مراكز السلطة الرئيسية ولكنهم فشلوا ولله الحمد.. ومكن الله للشعب التونسي انهاء مرحلة التخبطات والفوضى التي اعقبت الثورة وانهوها بالأمس على خير بفوز نداء تونس وحلفائها بمقاعد البرلمان ورئاسة الجمهورية، وفي هذا المقام يسعدني ان اتوجه لشعب التونسي وحزب نداء تونس ورئيسها السياسي المخضرم الباجي قائد السبسي.. متمنيا لهم التوفيق والنجاح في ادارة وطنهم وتحقيق الرفاه لشعبهم.

والحقيقة انه لفت انتباهي امر يكاد يكون قاسما مشتركا بين الشعوب العربية تجاه حركة الاخوان المسلمين وهو انهم يتعاطفون مع مظلوميتهم وهم خارج السلطة، ولكن بمجرد ان يتولوها ولبعض الوقت سرعان ما تلفظهم الشعوب وتكون وبالا عليهم فيتحول التعاطف كرها وحقدا وندما وحسرة، وهذا بالضبط ما حدث في مصر، فما أن تولوها سنة حتى خرج المصريون للشوارع بأضعاف مضاعفة على من خرجوا على النظام السابق، وهو ما تكرر في تونس، وتكرر في ليبيا التي يقاتل جيشها وشعبها جنبا إلى جنب للتخلص من الإخوان.

وهذا ما تؤكده حماس كل يوم برفضها تنظيم انتخابات بالرغم من انهم نجحوا عبر صناديقها في 2006 وانتهت ولايتهم منذ اكثر من اربع سنوات.. الا انهم يخشون الانتخابات لأنهم يعلمون حقيقة مشاعر الشعب الفلسطيني الذي بات ساخطا عليهم؟

ولفت انتباهي أيضا أن تونس هي التي افتتحت حلقات مسلسل مؤامرة الربيع العربي لخدمة الاخوان المسلمين بتخطيط وتنسيق المحفل الماسوني.

وها هي تونس بالأمس تنهي آخر معاقل الإخوان المسلمين وتنهي مسلسل الربيع الذي تحول إلى خريف أو موت حركة الإخوان المسلمين.. فهل من مدكر؟

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك