عن أسئلة المتطفلين!.. تكتب نادية القناعي

زاوية الكتاب

كتب 578 مشاهدات 0


القبس

الدجاجة أولاً!

د. نادية القناعي

 

 

من يرد أن يعرف ويتثقف فعليه بالسؤال، فإذا تهت في الطريق تسأل السابلة عن الاتجاه الذي يؤدي إلى وجهتك، وإذا احترت بين أمرين تسأل من لديه حكمة عن الرأي السديد، وإذا داهمتك مصيبة تسأل عن مساعدة أصحاب الخبرة.

لكن هناك ناساً يفهمون السؤال خطأ وينتظرون إجابة لا هدف منها سوى تزجية الوقت، فيسألون، ليس رغبة في نضج عقولهم وتنوير بصيرتهم والاستزادة في العلم، إنما يسألون فضولاً وإرضاءً لذاتهم المتطفلة.

هناك فرق بين السؤال وحشر النفس في حياة الآخرين، المشكلة أن بعض الأسئلة التي تُطرح منهم ليس لها إجابة سوى الصمت، لأنها تنم عن تزاحم تدخلهم المدقع مع أفكارك كأنه يسألك لماذا تتنفس؟

أدوات الاستفهام كثيرة لماذا التركيز على «لماذا»، فيسألك سائل فضولي: لماذا أنت تحب منظر الغروب، لماذا أنت تبتسم، لماذا أنت تعمل، لماذا أنت بخير؟ لماذا.. إلخ.. إلى أن تموت هذه الأداة من سوء استخدامها البشري.

اسألوا بدلاً عن ذلك بكيف الحال، أو كيف نستطيع خلق السعادة لنبتسم، أو كيف نستطيع الاستمتاع بالأشياء البسيطة كغروب الشمس، أو كيف نستطيع العمل ونتعاون لتطوير قدراتنا وإنتاجنا.

الكائن الطفيلي «كالدودة مثلا» تعيش على الكائن الحي العائل، وتسبب خللا في جسده، ومثلها الإنسان الطفيلي الذي يدس فراغ حياته في أحداث الآخرين، فيسبب مرضا مجتمعيا يفتك بسيرورة الحضارة.. يعني كيف؟

يعني بدلا من أن ننظر لأنفسنا بالمرآة الداخلية لنفحص الخلل الذي قد يكون فينا لنصلحه، فإننا نكسر هذه المرآة ونجرح بقطعها المنثورة الآخرين بتدخلنا بشؤونهم، فتصبح الحياة عبارة عن مناوشات، كل يلوم الطرف الآخر ويعاتبه، فتتحول الحياة إلى حلبة مصارعة، نصارع فيها كل ما هو جميل وندحره فنخسر حضارتنا.

المتطفل أسئلته تشبه ذلك السؤال، الذي بسببه كما في الأسطورة، هُزم أهل بيزنطة، «من أتى أولا.. البيضة أم الدجاجة؟». فلتأكل البيض، ولترب الدجاجة لتفقس مزيدا من البيض بدلاً من التفاهة!

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك