الفساد بلا صوت لكن ذو رائحة..بقلم خالد محمد الردعان

الفساد أفة مجتمعية , تكمن جذورها في عمق المؤسسات الحكومية و التشريعية ويبرع بها غالباً السياسيون ولا تقتصر عليهم بل قد تكون من أي فرد من المجتمع في أي موقع كان , ولها صور عديدة وهي ظاهرة مجتمعية معقدة وذات تفاعلات , وذات تأثير لا حدود له .

من احدى تعاريف الفساد إنه إساءة استعمال السلطة العامة او الوظيفة العامة للكسب الخاص , وقد عرفه البنك الدولي في تقرير التنمية الصادر عام 1997 بانه ' سوء استغلال السلطة العامة من اجل الحصول على مكاسب شخصية ' .

وللفساد أشكال عديدة جداً من الصعب حصرها , منها وأشهرها على سبيل المثال : الرشوة , الاختلاس , السرقة , الاحتيال , الابتزاز , المتاجرة بالنفوذ , استغلال المنصب , والكثير من الاشكال الأخرى , مع العلم أن الفساد جريمة , إلا أن الكثير من أنواع الفساد غير مجرم حسب النصوص و القوانين الحالية , ولا يمكن تجريم جميع حالاته لأنه دائما ما يظهر بشكل أخر وجديد طالما المجتمع يمتد و يتوسع .

للفساد كغيره من الافات و الامراض أسباب , ومن أسبابه , غياب المسائلة والرقابة باشكالها الحكومية أو النيابية و القانونية وحتى الاجتماعية , ضعف الوازع الديني والأخلاقي , ضعف قيم المواطنة والشعور بالانتماء للوطن , ضعف كفاءة القيادات وعدم نزاهتهم , غياب الشفافية .

وللفساد تأثيرات خطيرة على السلطة و الحكومة و المجتمع و التنمية لا يمكن تداركها بسهولة , وله مؤشرات عديدة , يستطيع المتخصص أوالاكاديمي أن يرصدها من خلال البيانات والأرقام الحكومية ومقارنتها بالاعوام السابقة , ونسبة الإنجاز الخ , ويستطيع المواطن البسيط أن يرصدها من خلال عمله أو جاره المسؤول الحكومي الذي تتغير حالته ولا يوجد من يقول له ( من أي لك هذا ) , أو من خلال حياته العملية وأحاديث الدواوين وإن كان غالباً ما يكون مبالغ بها .

في الكويت تم إقرار مرسوم بقانون رقم 24 لسنة 2012 بإنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد والأحكام الخاصة بالكشف عن الذمة المالية ( 24 / 2012 ) , ولم نسمع عنها إلا إدانات بالفساد من أعضاء مجلس الامة إتجاه ألية التعيين على الرغم من تداول العديد من قضايا الرأي العام التي بها رائحة فساد من الدرجة الأولى ولم نسمع لها أي تدخل , وأقترب العام الرابع على مرسوم إنشائها والى يومنا هذا لم نرى لائحة تنفيذية لها .

في رأيي الشخصي الفساد افة مجتمعية , تنتشر بسرعة في جميع المجتمعات , ولأن نعي ما هي يجب أن نفرق بين الصواب و الخطأ في تصرفاتنا و تعاملاتنا , يجب أن نشكر المخلص , والأمين , وأن نعنف من يستغل السلطة , يجب أن ننشر مبادئ الصدق والأخلاق الحسنة , ونحارب الفاسد , ولا يوجد دواء للفساد أقوى من الوازع الديني والخوف من الله , قال سبحانه وتعالى : ' وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ' [التوبة : 105] ,,, فإن لم تكن تراه فإنه يراك .

الكاتب خالد محمد الردعان