عن المزاوجة بين إيجابيات الموروث القديم ومعطيات الحاضر!.. تكتب فاطمة البكر

زاوية الكتاب

كتب 710 مشاهدات 0


القبس

وهج الأفكار  /  مشاعر حنين للماضي طاغية في الأعياد

فاطمة عثمان البكر

 

مشاعر حنين للعودة إلى الماضي أصبحت طاغية على كل المناسبات، وفي كل الدول المتقدمة والنامية، كل الاحتفالات في كل المناسبات تظهر صور الماضي وتراثه البعيد ماثلة بكل ما حفل به ذلك الماضي البعيد، ابتداء بملابسه وانتهاء بأكله وشرابه! وفي أعيادنا المجيدة في كويتنا الحبيبة اليوم نرى صورة ماثلة مجسّدة لتلك المشاعر الدافئة الصادقة من قرية تراثية تحوي كل ما مثله وعاشه ذلك الماضي الجميل، وإن أصبح عصياً واستحالة العودة إليه بكل حال من الأحوال، فالماضي لا يعود أبداً ولا تبقى منه سوى أطلال وصور تمر كالسحاب.
تلك العودة الحميمة التي يشهدها العالم اليوم تعزو إلى ذلك الانفتاح العالمي غير المسبوق في عالم التكنولوجيا المذهلة والسريعة التي لم تشهدها العصور السابقة، هي «ردة فعل» لهذا الانفتاح السريع والمذهل الذي تمثّل في وسائل الاتصالات، هي ردة فعل لواقع العالم الدامي البائس الذي ينخر الألم وتنعق الغربان في كل زاوية من زواياه في أرضه وسمائه وديانه وأعلى سفوحه، واقع الدمار والقتال والدم المسفوح على أرصفته المتهالكة، تلك العودة ربما هي خوف كامن من عدم القدرة على مجاراة ومسايرة ذلك التسارع الزمني غير المسبوق، هو خوف مشروع من الانصياع والضياع والتخبط في متاهات قد لا يُعرف مداها إذا ما افتقدت الإرادة والعزم، والإيمان بالله تعالى وقدرته المطلقة على أن يغير من حال إلى حال «بكن فيكون»، هو خوف من عدم التعامل مع معطيات وأحداث الواقع المتسارع المتصارع وعدم الانصياع والضياع والتخبط والحفاظ على الهوية التي قد تفتقد في لجة بحور متلاطمة فتكون لنا كطوق النجاة المرتجى!
ذلك الزمن الجميل، وذلك الموروث الزاخر بأدبيات المبادئ، والتي أصبحت كالأساطير تروى للأجيال اليوم، رغم قساوة العيش فيه وافتقاده كل عوامل الرفاهية أصبح اليوم جميلاً مقارنة بكل يسر الحياة المعاصرة التي نعيشها اليوم، ولكل ما وفّرت التقنيات الحديثة والثورة التكنولوجية في كل مناحي الحياة لتسهيل وإسعاد البشرية، وفي خدمة الإنسانية لحياة أفضل، وفي سبيل التوازن لا بد من المزاوجة بين إيجابيات الموروث القديم ومعطيات الحاضر لدفع العجلة إلى الأمن والسلم والأمان.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك