اليمن يعيش اﻵن حالة معقدة وغامضة!.. بنظر حسن كرم

زاوية الكتاب

كتب 598 مشاهدات 0


الوطن

اليمن يحتاج إلى معجزة كي يخرج من أزمته!

حسن علي كرم

 

يبدو أن هناك في اليمن من يحاول إلهاء اليمنيين بالمسائل الجانبية مقابل نسيان القضايا الوطنية المصيرية! فاليمن يعيش اﻵن حالة معقدة وغامضة حتى يصعب على قراء الطالع واﻷحجية كشف مستقبل هذا البلد الغارق في المشاكل والأزمات منذ ثورة الشباب واعتصامهم في الميادين حتى انتصار ثورتهم وخلع الرئيس السابق صاحب مقولة «الرقص على رؤوس الثعابين»(!!) 
اﻻ ان ثورتهم التي تعشموا ان تكون وردية مكسوة بأزهار الربيع انتجت لهم أشجار المر والزروع الشوكية التي ﻻ نفع فيها بل عدمها خير ألف ألف مرة من وجودها! فاليمن منذ اﻹطاحة بالرئيس المخلوع علي عبدالله صالح وتنصيب نائبه آنذاك عبد ربه منصور هادي خلفا له ومنحه لقب الرئيس التوافقي ثم بعد ذلك انعقاد ما سمي مؤتمر الحوار الوطني وما تمخض عنه من كتابة دستور دائم لدولة اليمن الجديدة وتقسيم الدولة الى أقاليم (ستة أقاليم) في اطار الدولة الاتحادية، كل ذلك ولكن لم يهنأ اليمن يوما بالاستقرار ويطمئن المواطن ويضمن معيشته، فالوضع المعيشي متدهور وكل يوم اسوأ من غده، فالبطالة ازدادت وخط الفقر قد تجاوز ال %60 على الرغم من ضخ المليارات من الدول الخليجية وﻻ سيما السعودية والكويت ودولة اﻹمارات، وهي أموال يجدر بالسؤال أين ذهبت، في بطن من مِن السياسيين وأمراء الحروب وسماسرة السلاح استقرت وفي أي من البنوك الغربية أودعت؟!!
وفوق معاناة الشعب زحف الحوثيون من مواقعهم على جبال صعدة ليحتلوا العاصمة صنعاء، وكأن الطريق كان قد مهد لهم، وهو كذلك، فالحوثيون لم يكن ليصلوا وبسهولة الى العاصمة ويحتلوها وينصبوا أنفسهم حكاما على اليمن لوﻻ تحالفهم مع الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح الذي احترف الرقص مع الثعابين (!!) وعلي عبدالله صالح المتهم بجلب تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية الى اليمن وﻻسيما الى مدن ومناطق الجنوب العربي وهي خطة ملعونة بهدف تخلي الجنوبيين عن دأبهم بمطالب فك الارتباط عن صنعاء وعودة بلادهم التي يعتبرونها محتلة من اليمن منذ حرب يوليو (1994) التي فرضها علي عبدالله صالح عليهم الى أحضان ابنائها وكفى اﻷخوة في البلدين الشقيقين شر القتال وسفك مزيد من الدماء على قضية ﻻ شك عادلة، وسينتصر الجنوبيون وسيكحل الجنوبيون عيونهم بتراب وطنهم عاجلاً أم آجلاً، فلا يمكن ان يستمر الظلم على الجنوبيين وهم الذين يدفعون زهرة شبابهم قربانا على مذبحة الاستقلال، لقد كافح الجنوبيون من أجل خروج الاستعمار البريطاني من بلدهم حتى تحقق الاستقلال وخرج اﻹنجليز في أكتوبر (1967) ولن يكون انفصال بلادهم عن اليمن اﻻ حلقة ثانية من الكفاح الوطني من أجل ارساء دولتهم الموعودة.
ان خروج الرئيس هادي وهروبه من معتقله في صنعاء على أيدي الطغمة الحوثية الجاهلة واستقراره في عاصمة دولة الجنوب وبغض النظر عن كيفية خروجه ومن دبر له خطة الخروج حراسه الخاصون أم مساعدات استخباراتية خارجية أم بخطة من المبعوث الدولي لليمن بن عمر، لعل كل ذلك اﻵن ليس مهما بقدر السؤال ماذا ينتظر اليمن في اﻷيام القادمة؟، فالمخاض عسير وغير مطمئن، ذلك ان كل الاحتماﻻت ممكن حدوثها، كأن يركب الحوثيون رؤوسهم ويدخلوا في عناد مع الجيش الذي يسيطرون على الكثير من قطاعاته في قتال شرس مع مؤيدي الرئيس هادي، او احتمال قدوم مساعدات خارجية (قوات خليجية) لمؤازرة هادي أو تحريك تنظيم القاعدة المرابط والتحالف مع الرئيس السابق، أو دخول عناصر من الحرس الثوري اﻹيراني لدعم الحوثيين، أو نشوب حرب أهلية طائفية، خصوصا ان السلاح في اليمن أرخص من الخبز وأكثر من التراب!
لقد كانت المبادرة الخليجية التي تمخضت عن تنازل علي صالح عن الرئاسة واحلال نائبه محله انطوت على الكثير من العوار ويبدو ان المبادرة قد تمخضت عن طبخة مستعجلة غير ناضجة، لذلك لم تكن ناجعة ولم تضع اﻻمور هناك في الوضع الصحيح..!!
فمثلا، تجاهل القضية الجنوبية واﻹصرار على الوحدة فيما يدفع الجنوبيون دماء شبابهم على مذبحة الاستقلال، هذا التجاهل من الخليجيين أحدث جرحا وخيبة امل في نفوس الجنوبيين، وكان الأجدر وضع الاعتبار لمطالبات الجنوبيين ﻻ تجاهلها.
ان استقرار الرئيس هادي في عدن وعلى الرغم من هويته الجنوبية ﻻ ينفي مطالبتهم باﻻستقلال وان هادي مرحب به كمواطن جنوبي ﻻ غير.
من كل ذلك ﻻ يبدو في اﻷفق القريب حل لمعضلة اليمن، اﻻ اذا حدثت معجزة الهية، أو ان يتخذ العقلاء دورهم، فالحكمة يمانية، ولكن مازالت ثمة حكمة باقية!

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك