عن القاتل الاقتصادي!.. يكتب عبد العزيز الفضلي

زاوية الكتاب

كتب 589 مشاهدات 0


الراي

رسالتي  /  القاتل الاقتصادي.. وسقوط الرئيس (2-2)

عبد العزيز صباح الفضلي

 

حرصت على الكتابة في موضوع القاتل الاقتصادي من أجل أن تتعرف جماهير الأمة العربية والإسلامية على حقيقة الدور الذي تقوم به أميركا في إسقاط رؤساء الدول الذين لا يتماشون مع أهدافها ولا يحققون مطالبها وتراهم في نظرها يقفون حجر عثرة في طريق نهبها لثروات تلك الدول.

ولأن أميركا تدّعي قيما لا تلتزم بها، وتزعم حماية ديموقراطية هي أول من يحاربها أحبتت أن يتعرف القراء على بعض من تاريخها الأسود.

وضحت في المقال السابق تعريف القتلة الاقتصاديين، والوسائل التي يستخدمونها لإسقاط الرؤساء، وضربت مثالا لأحدهم وهو «جون بيركنز» صاحب كتاب «اعترافات قاتل اقتصادي» والذي ذكر فيه أمثلة على تدخلهم في تغيير أنظمة الحكم وأشرت في المقال السابق لما حدث في إيران.

في هذا المقال سأشير إلى أمثلة أخرى ذكرها الكاتب بنفسه ومنها:

الإكوادور 1981

والتي حُكِمت لسنوات عدة من قبل حكام دكتاتوريين مناصرين للولايات المتحدة، وفي عام 1981 أجرت الإكوادور انتخابات حقيقية وترشح لها «جيم رالوس» وأعلن في حملته الانتخابية عن رغبته في أن يستثمر الشعب ثرواته.

ففاز فوزا ساحقا لم ينله أحد في تاريخ الإكوادور، وسعى في تطبيق السياسات التي أعلنها، ومنها أن الأرباح التي تأتي من النفط لا بد وأن تذهب لمساعدة الشعب، لكن ذلك لم يُعجب الولايات المتحدة، فتم إرسال «جون بيركنز» مع بعض القتلة الاقتصاديين لتغييره وإفساده ولجعله يشعر بأن بإمكانه هو وعائلته أن يصبحوا من أغنى الأغنياء إذا وافق أن يتواطأ مع أميركا ويلعب لعبتها، أمّا إذا رفض وأصر على مواصلة تطبيق سياساته الإصلاحية التي وعد بها فإنه سيرحل!!

ولأنه بالفعل رفض أن يلعب لعبة أميركا تم اغتياله، بإسقاط طائرته، وعند التحقيق في الجريمة تم اغتيال اثنين من الشهود الرئيسيين في حوادث سير، قبل أن تتاح لهم الفرصة للإدلاء بشهاداتهم.

بنما 1918

حيث حاول القاتل الاقتصادي «بيركنز» أن يفسد الرئيس البنمي «عمر تورينوس» من خلال الرشوة، لكنه كان يرفض المال وكان يقول: «كل الذي أريده هو أن تعامل بلدي معاملة منصفة، أريد أن تسدد الولايات المتحدة ثمن كل الخراب الذي أحدثته في بنما، أريد أن تتحرر دولنا من التدخل الشمالي (أميركا) وأن تعود قناة بنما لسيطرة الشعب البنمي، هذا كل ما أريد».

فتم اغتياله بإسقاط طائرته، من خلال قنبلة وضعت في جهاز تسجيل، سلّمه له أحد حراسه الشخصيين قبل صعوده للطائرة.

فنزويلا 2002

استمر عمل فريق القتلة الاقتصاديين لسنوات طويلة وتحسن أداؤهم، لكنهم فوجئوا بما حدث في فنزويلا.

فعندما فاز «شافيز» بالرئاسة العام 1998 بعد سلسلة طويلة من الرؤساء الفاسدين الذين حطموا البلاد، اتخذ قرارا بالوقوف في وجه الأطماع الأميركية، فطالب بأن يستعمل النفط الفنزويلي لمساعدة الشعب الفنزويلي، ولم يعجب ذلك الولايات المتحدة، فتم عام 2002 ترتيب انقلاب ضده - ولا يشك «بيركنز» بأن أميركا كانت وراءه - لأن الطريقة التي استخدمت في إيران هي الطريقة نفسها التي تمت في فنزويلا من ناحية دفع الأموال للناس للخروج إلى الشوارع والقيام بأعمال شغب واحتجاجات لإظهار أن شافيز لا يحظى بشعبية.

ومن ثم قيام وسائل الإعلام بتضخيم أعداد المتظاهرين لجعل الأمر وكأنه ثورة عارمة.

إلا أن «شافيز» بحسب رأي «بيركنز» كان ذكيا جدا، وكانت الناس تؤيده بقوة، لذلك استطاع أن يتخطى تلك المؤامرة، وكانت تلك لحظة تاريخية في تاريخ أميركا اللاتينية.

لعلكم بعد هذا المقال تستطيعون إدراك القوى التي تقف وراء إسقاط أي رئيس شرعي يسعى لمصلحة بلده والمحافظة على ثرواتها من الأطماع الخارجية.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك