مبارك الجري يكتب - لم تكن سجيناً يا أبا حمود

زاوية الكتاب

كتب 1556 مشاهدات 0

مبارك الجري

بعد مشهد إخلاء سبيل النائب السابق مسلم البراك وهو محمولاً على الأكتاف وسط هتافات محبيه من أبناء الشعب الكويتي ، تبادر إلى ذهني عدة تساؤلات من بينها : هل سيكتفي مسلم البراك في الحديث عن الفساد المستشري في البلاد ؟ أم أنه سيوجه كلمة مختلفة من شأنها أن تعيد ترتيب بعثرة وشتات ' أعضاء الأغلبية ' ؟
استطاع مسلم البراك أن يجيب على تلك التساؤلات من خلال مصطلح جاء في وقته المناسب عندما قال ' لم يكن هناك نشاط للأغلبية لكي يتم إيقافه ، وإذا كان هناك تراجع فالأغلبية هي المسئول الأول عن ذلك ، لذلك أُعلن عن تحرك النضال السياسي لا الإنتخابي ' . هكذا وجه البراك كلمته التي تم تداولها من خلال وسائل التواصل الإجتماعي ، والتي أثارت ردود أفعال عديدة و متنوعة ، من بينها ما أكتبه الآن عن مصطلح ' النضال السياسي ' ، الذي يشير الى سلمية العمل السياسي المنظم والهادف الى تغيير الواقع السياسي الحالي نحو واقع لا يختلف عليه كل عاقل ومحب لهذا الوطن . أنه واقع الحريات الذي يكفل للجميع حق التعبير عن الرأي دون اعتقال و تخوين و مضايقات لا تصب في صالح الدولة و المجتمع الكويتي . و واقع لا يشبه على الاطلاق ما نعيشه الآن من تراجع في التنمية السياسية والاجتماعية والفكرية ، التي جعلتنا في قاع التخلف و الفساد بمعناه الواسع .
أما فيما يتعلق بأعضاء الأغلبية الذين أكن لهم كل احترام وتقدير ، أجد أنهم أمام خيارين لا ثالث لهما ، إما أن يراجعوا متطلبات ' النضال السياسي ' بعقلية المواطن لا العضو السابق ، أو أن يتراجعوا عن مقدمة صفوف المشهد الحالي ، لأن هناك العديد من أبناء وبنات الشعب الكويتي باختلاف معتقداتهم وفئاتهم على أهبة الاستعداد لإعادة النبض لهذه الصفوف من خلال أهداف وطنية ذات طابع مستمر و ليس وقتي ، ومساحة واسعة تُترجم بها تلك الأهداف إلى واقع يحمل المعنى الفعلي والحقيقي لدولة المؤسسات والدستور التي يتساوى بها الجميع دون استثناء، وليست دولة الشخوص التي تعزز منطق المصالح و الإقصاء والتهميش .
بدأت هذه المقالة بصيغة خطاب عنوانها ' لم تكن سجيناً يا أبا حمود ' ، ليس بالنسبة لي فقط بل لكثير من أبناء وبنات هذا الوطن الذين أيقنوا و أدركوا حقيقة هامة وهي: أن الأغلال لا تقيد الأفكار ، والقضبان لا تمنع ظهور أصوات الحرية والسجن لا يخفي الحقيقة مهما طال الزمن . لذلك لم تكن سجيناً يا أبا حمود ، بل حراً حاضراً في قلوبنا وفكرنا من خلال مواقفك الوطنية الأصيلة من أجل وطن نسمو به ويسمو بنا ، ومن أجل الدفاع عن حرية الآخرين . وهنا أستذكر ما قاله المناضل والزعيم الأفريقي نيلسون مانديلا ' أن يكون الإنسان حراً لا يعني مجرد تحرره من الأغلال التي تقيده بل أن يعيش بطريقة تحترم وتعزز حرية الآخرين ' .
إن مسار النضال السياسي السلمي الذي دعا إليه مسلم البراك ، من الممكن أن يعيد الروح لدستور عزز قيم الحرية والعدل والمساواة والديموقراطية والتسامح وإحترام حقوق الإنسان . وذلك المسار ليس قصيراً أو سهلاً ، بل مسار طويل ومعقد و بحاجة إلى كل عاقل و حكيم و مثقف يمنع انحسار النضال السياسي عن مساره السلمي والعقلاني .

مبارك الجري

الآن - رأي: مبارك الجري

تعليقات

اكتب تعليقك