فاطمة الشايجي تكتب: إذا كان فكيف يمكن لنا؟!

زاوية الكتاب

كتب 452 مشاهدات 0


الشاهد

إذا كان.. فكيف يمكن لنا؟

د. فاطمة الشايجي

 

إذا كان مدرّس التاريخ يُدرّس التاريخ وهو لا يؤمن بما بين يديه، وفي طيات عقله وخلده يتمنى أن يكون هناك تاريخ آخر يُدرّسه، فكيف يمكن لنا أن نحفظ التاريخ ونغرسه في أبنائنا؟

إذا كان الطبيب المداوي الذي يقسم على أن يقدم أفضل ما عنده للمريض لكنه يكتب دواء لمريض ليس بناء على ما يحتاجه المريض وإنما بناء على ما يُفرض على الطبيب وهو على يقين أن هناك دواء آخر أفضل وأسرع في المفعول، فكيف يمكن لنا أن نأتمنه على أرواحنا؟

إذا كان الأكاديمي الذي يُدرس النظريات ينتقي ما يتناسب مع أهوائه ويركز على بعضها، أو ينفذ أجندة مطلوبة منه لتأمين وجوده في الصرح الأكاديمي، أو يُلقن الطلبة نظريات ويَطلب منهم حفظها وهو بالأساس لا يؤمن بها ولا يعلن عن ذلك إلا إذا سنحت له الفرصة.إذا كان هذا الأستاذ الأكاديمي أحد هذه النوعيات، فكيف لنا أن نخلق تعددية ومصداقية وقدوة؟

إذا كان النائب قد عقد العزم على كتابة وثيقة لاستدامة وجوده على الكرسي، واحتكر لنفسه لقب نائب لأكثر من دورة نيابية، وعايش وتعامل مع الفساد، فكيف يمكن لنا أن نصدقه عندما يعترض على الفاسدين؟

إذا كانت الأم قد آثرت نفسها على منزلها وزوجها وأبنائها، فكيف يمكن لنا بناء مجتمع متعاون متحاب طيب الأعراق؟

إذا كان الأب قد امتنع عن المشاركة بالتربية وانشغل في إبهاج نفسه أو في إثبات وجوده، فكيف يمكن  لنا أن نخلق في الشباب مسؤولية بناء نشء؟

إذا كان المحامي الذي يدافع عن مجرم وهو يعلم أنه مجرم ويبرر دفاعه بمبدأ قانوني هو المتهم بريء حتى تثبت إدانته ويعزز تبريره بقول الدفاع عن الجميع حق إنساني، فكيف يمكن للقانون أن يكون منصفا وعادلا؟

إذا كان الكاتب قد باع قلمه في لحظة غيظ، أو انتقام، أو لمصلحة. وحاول أن يصوب مساره في لحظات الاستقرار النفسي والمادي، فكيف يمكن لنا أن نصدقه أو نقرأ له؟

إذا كان العسكري الذي يجب أن يضحي بنفسه من أجل وطنه والذي يجب أن يقر الأمن والاستقرار فيها، والذي يجب أن ينفذ الأوامر كما هي يخفي بعض المعلومات الهامة، أو لا ينفذ الأوامر كما هي، أو يضحي بوطنه من أجل نفسه، فكيف يمكن لنا ان نلجأ إليه لحمايتنا أو خدمتنا؟

إذا كان رجل الدين الذي ينشر الدين ويعتبره الناس قدوة لهم  ويتحدث باسم الدين ويفتي باسم الدين، يكذب، ويزوّر الحقائق، ويلفق التهم، ويسب ويلعن من يخالفه، فكيف لنا أن ندافع عن الدين أو نقنع الملحدين بخطئهم؟

إذا، وإذا، وإذا، انتفت كل السلوكيات السلبية السابقة يمكن لنا أن نشعر بالسلام النفسي، ونعيش بأمان، ونطور مجتمعاتنا العربية، وبالتأكيد هناك إذاً كُثر لم تذكر وعليكم أنتم ذكرها.  

الشاهد

تعليقات

اكتب تعليقك