'الإخوان' لن يقروا بالهزيمة!.. هذا ما يتوقعه خليل حيدر

زاوية الكتاب

كتب 548 مشاهدات 0


الوطن

طرف الخيط  /  الإخوان المسلمون.. في حالة كمون

خليل علي حيدر

 

صحيح ان «الاخوان المسلمين» خسروا الكثير في مصر وغيرها خلال معارك «الربيع العربي» 2015-2011، ولكن هل ستسكت «الجماعة» وتستسلم لقدرها، بعد ان ضاع منها بمنتهى الغباء والتعجل مُلك مصر، فتلقت ضربة سياسية تاريخية، و«تغرّبت» أحزابه في الدول الخليجية وضاعت منها مفاتيح خزائنها الزاخرة، ولم تسلم حتى على مواقعها في الأردن واليمن والعراق وسورية وغيرها؟ لا تكن ساذجاً فتحسب ان هذا الحزب سيخضع ويستكين، أو حتى سيتوقف وقفة محاسبة للنفس ونقدا للذات والسياسات! فهو على الأرجح، سيحاول استعادة خبرته في العمل السري والانتعاش في ظل الملاحقة، واعادة رص الصفوف على الرغم من المطاردة، وكلها مهارات تتقنها الجماعة أيما اتقان، وتنجح في دهاليزها النجاح الباهر.
لا يوجد تنظيم حزبي في المنطقة العربية بخطورة «الاخوان».حزب يتغلغل في مختلف الطبقات وغزو النخب المتعلمة والأوساط المهنية الحديثة كالنقابات الطبية والهندسية والنخب التجارية وطلبة الجامعات.جماعة قادرة على اجتذاب الكثيرين وخداع مثلهم عدداً بالشعارات والوعود، وبالتلويح بالمقدسات الدينية والرموز التي تحظى بتعاطف وايمان الجميع.حزب واضح العداء لحقوق المرأة ومكانتها وحريتها، مع التضييق عليها دراسياً وانتخابياً، والوقوف مع كل القيم العشائرية والقبلية المحافظة ضد حقوقها، في سبيل أبسط مجال من مجالات نجاح «الاخوان» في معاركهم السياسية والنقابية.
ورغم ذلك، فالحزب أنجح التيارات العربية في استقطاب المرأة واجتذابها واعادة صب عقلها وفكرها في قوالبه الجاهزة، التي لا تعِدُ المرأة الا بالمزيد من الخضوع والمكانة الثانوية حتى داخل تنظيم الحزب نفسه! تحدثت صحيفة «الجريدة» الكويتية في عدد 2015/4/25 وهذا مجرد مثال، عن «الأخوات المسلمات» في مصر فقالت: «تلعب الطالبات المنتميات الى جماعة الاخوان، دوراً مهماً وخطيراً في التظاهرات التي تقع داخل الجامعات المصرية، واعتبر مراقبون ان «الأخوات» يمثلن الذراع الخفية ل«الجماعة» في الأوساط الطلابية، حيث انهن أول من يلبي دعوة التظاهر، بخلاف قدرتهن على الحشد وتجهيز اللافتات والألعاب النارية، وفقاً لمحاضر حررتها شركة «فالكون» للحراسات الخاصة والأمن الاداري في الجامعات لعدد من الطالبات، ضبطن بشماريخ ألعاب نارية».
وتضيف الصحيفة: «الحديث عن دور طالبات الجماعة تجدد أخيراً، بعد اندلاع أعمال شغب الأحد الماضي داخل حرم جامعة القاهرة، قبل ان تتمكن قوات الأمن من السيطرة على الوضع، بينما قالت طالبة تُدعى نيرة عادل، ان «هناك طالبات مسؤولات عن تنظيم التظاهرات والحشد لها، وفي المسيرات يتحركن في الصفوف الأولى والأخيرة، لترديد الهتافات المعادية للدولة والجيش والشرطة واشعال الشماريخ».
الصحيفة نفسها اضافت، ان ملابس الطالبات تساعد على اخفاء هوياتهن عن عدسات الكاميرات الأمنية والاعلامية، ونقلت كذلك عن بعض المراقبين احتمال استغلال الطالبات في تسهيل دخول الأسلحة الى الحرم الجامعي وكذلك «في محاورة زملائهن لاقناعهم بان هناك ظلماً وقع على جماعة الاخوان، خاصة في ظل الأحكام القضائية الصادرة ضد قيادات الجماعة».
لا يخدع حزب «الاخوان» النساء والطالبات فحسب، بل ويناور كذلك الأوساط الديموقراطية والليبرالية وحتى اليسارية في العالم العربي وأوروبا وأمريكا، فترى «الاخوان» هناك متسترون على أفكارهم القمعية المعادية للحداثة والحرية والديموقراطية والفكر المستقل، وعلى تنظيمهم الغارق في السرية والكتمان، وسياساتهم الالغائية التهميشية ضد الخصوم والأقليات والطوائف، مستفيدين في الوقت نفسه من كل ما في الآخرين من سذاجة سياسية وصدق نوايا، وما في الديموقراطيات الغربية خاصة في البلدان الأوروبية والولايات المتحدة وكندا وأستراليا وغيرها، من حقوق انسانية وحريات وتسامح سياسي وديني.
فكم في مجلات «الاخوان» المعروفة، وفي أشرطة خطبائهم ودعاتهم عبر سنين طويلة، من مطالبة مُلحة بهدم الكنائس وتحريم ترميم القديم منها أو بناء الجديد، مهما كان حجم العمالة المسيحية مثلاً في بعض البلدان الخليجية، ومهما كانت حقوق المسيحيين العرب.
فهنا ينسى «الاخوان» مناداتهم بالشورى والديموقراطية وحقوق الانسان، ويتسترون خلف فتاوى القرون الخوالي، في الوقت الذي لا يرون فيه بأساً في بناء المساجد وانشاء المراكز الدعوية «والمصارف غير الربوية»، في كل دولة مسيحية! بل لم تدعُ يوماً مجلة من مجلاتهم أو قيادة من قياداتهم أو بعض مواقعهم الالكترونية وقنواتهم، الى حرية الانسان في العقيدة، واحترام حقوق غير المسلمين، أو استنكرت ما يعانيه أي مفكر مستقل معارض في العالم الاسلامي، من مطاردة واعتقال واعدام.
لقد خسر الاخوان مواقعهم في مصر والدول الخليجية، ولكننا لا نعلم حتى الآن ان كانوا قد خسروا الحرب أم احدى معاركها؟! ما هو متوقع على الأرجح ان «الاخوان» لن يقروا بالهزيمة في هذه أو تلك! ولن يقتنعوا، بسبب أرصدتهم الكامنة والانخداع الحزبي، بأن العلة الأولى لهذه الخسارة ليست مؤامرات العسكر أو كراهية العلمانيين أو مخططات الغرب مهما حاول هؤلاء.انظروا بدقة يا سادة، في جمود الفكر، والغرور والاستعلاء، والغفلة عن التناقضات وتجاهل الزمان والمكان وعلل أخرى.
لا أستبعد ما يقال عن اجتماعات «اخوانية» سرية كبرى في لندن واسطنبول وأماكن أخرى، ولكن هذه الزعامات الأثرية المستفيدة من تراث الجماعة لن تتخلص من الإوزة التي تبيض ذهباً.
هذه الجماعة تضع رِجْلاً في عصرنا ورِجلاً في عصور ماضية سحيقة، ولا تجرؤ على تجديد فكرها أو التفاهم مع العصر.
لا مكان في القرن الحادي والعشرين لأن تهيمن على حياة شعوبه أحزاب دينية سرية التنظيم، خاصة العضوية، معادية للشفافية والعلنية وللقيم الديموقراطية العصرية.متى نفهم جميعاً هذه البديهية؟!

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك