تجمع مواطنون: الداخلية استثمرت حادث التفجير للضغط على مجتمع 'الكويتيين البدون'

محليات وبرلمان

2526 مشاهدات 0

تجمع مواطنون

أصدر تجمع مواطنون بيانا بخصوص تداعيات الحادث الإجرامي حادث تفجير مسجد الصادق بالصوابر، جاء نص البيان كالتالي:


لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لك الأمور حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون
التوبة 48

نكرر تعازينا الحارة إلى أهل الكويت وجميع الأشقاء والأصدقاء حول العالم بشهداء العمل الإرهابي الغادر والجبان في مسجد الإمام الصادق في نهار الجمعة، في يوم مبارك من أيام شهر رمضان الكريم، في حال الصيام وأثناء الصلاة. في عمل غادر تشمئز منه النفس الإنسانية العفيفة وتدينه كل الديانات السماوية والقوانين الأرضية. كما نتمنى لجميع الجرحى الشفاء العاجل والتام.

ولا يفوتنا الإشارة أن هذا العمل الجبان لم يوجه فقط إلى أحد أطياف المجتمع، أو يستهدف الوحدة الوطنية بين أطياف المجتمع فحسب، بل استهدف الكويت -كبلد متعدد الأطياف- بأجمعها وجوداً وكيانا وقيمة؛ فكان من بين ضحاياه المواطن والمقيم، وأوجع كل الشرفاء في العالم. وكما كان إخوانكم من الكويتيين البدون يتواجدون في كل موقع شريف ومفصل هام من تاريخ وطنهم، كانوا أيضا من بين صفوة الشهداء والجرحى في هذه الحادثة.

ونلفت إلى أن الفكر المتطرف الذي خطط لهذه الجريمة وتلطخت يده بها، لا يؤمن بالأوطان، ولا يعترف بالقوانين، ولا يعترف بالقيم الإنسانية المحترمة. وكما جاء في بياننا الأول بخصوص هذه الحادثة في 26 من الشهر الحالي، والذي طالب الأجهزة المعنية بسرعة كشف المتهمين بهذه الجريمة ومحاكمتهم وإيقاع العقاب الناجز بهم على ما اقترفت أيديهم لتطمئن أرواح الشهداء وتسكن جراح الوطن وتقر عين المخلصين للكويت حول العالم.

وقد قدرنا ببالغ الأعجاب روح التضامن والتكافل الوطني التي طفت حول مشاعر الحزن والصدمة، وتفشل كل المخططات الرامية لشرخ الجدار الوطني. وفي هذا المجال أيضاً لم تتطرق أي من بياناتنا إلى تمييز ضحية عن أخرى أو طائفة عن أختها وتسامينا على جرحنا الخاص.

إلا أنه ومنذ اليوم الأول، وكما جرت عادة الأجهزة الرسمية والأمنية في تعاطيها مع قضية الكويتيين البدون، لحظنا استعداء الأجهزة الأمنية لمجتمع الكويتيين البدون. هذه الأجهزة التي عملت لسنوات على تهميش مجتمع الكويتيين البدون، وفصلهم عن إخوانهم في المواطنة، وإقصائهم عن دورهم الوطني، وعدم الإعتراف بمواطنتهم، واتهامهم بمخالفة القوانين بشكل عام دون دليل. ومنذ لحظة الإعلان عن التوصل إلى خيوط الجريمة، عملت الأجهزة الأمنية إلى استثمار الحادث لمزيد من الضغط على مجتمع البدون لتعميق الخلاف بين شرائح المجتمع، في تجاوب فاضح مع أهداف المخطط الإرهابي!

إننا نؤكد أن قيام وزارة الداخلية عبر وكالة الإعلام الرسمية بنشر صور وأسماء وجنسيات الناقلين المفترضين للإرهابي وفي اليوم الثاني للجريمة، ومشاعر الصدمة والغضب والألم ما زالت تسيطر على الشارع، كان من الممكن أن تؤدي إلى ما يحمد عقباه من أعمال انتقامية تجاه إخوتنا الأبرياء. تلى ذلك تمييز واضح في نشر بيانات وصور المخططين من المواطنين منقوصة -كما يجب أن يكون الحل- حماية لحقهم في أصل البراءة. تبع ذلك نشر بيانات خاصة بالمتهمين المفترضين علنا، ليس لها أي علاقة بالتهمة الموجهة إليهم، من قبيل أماكن العمل الحالية والسابقة وشهاداتهم الدراسية ومحال سكناهم.

علاوة على ذلك بدأت وزارة الداخلية بتوزيع بعض البيانات غير الرسمية على الصحف باتخاذ إجراءات عقابية بحق مجتمع الكويتيين - بداية من إيقاف العمل بجواز سفرهم- كعقاب جماعي. دون أن تبرر ذلك بشكل رسمي وواضح وتوضح أسباب قرارها هذا ونتائجه المرجوة!

كما ولاحظنا، بقلق بالغ، بعض الدعوات غير المسؤولة إلى تعطيل القوانين، أو إصدار قوانين طارئة ومتشددة للحد من الحريات، أو إيقاف العمل باتفاقيات حقوق الإنسان التي تحمي الكرامة الإنسانية.
إننا وبهذا الصدد، وبعد إدانة الجريمة النكراء، ندين أية أفعال مجرمة قانونـًا، ونعتبر أن نشر أسماء وصور المتهمين قبل صدور حكم قضائي بات، يُعد خرقًا واضحًا لمبدأ افتراض البراءة، وبما يمس الكرامة الإنسانية للمتهم، ذلك أن الصكوك الدولية لحقوق الإنسان تثبت بشكل قاطع لا لبس فيه من وجوب التزام القائمين على إنفاذ القانون سواء في مرحلة جمع الاستدلالات أو مرحلة التحقيق الابتدائي أو أثناء نظر الدعوى أمام القضاء، عدم التعبير عن آرائها علانيّة فيما يتعلق بذنب المتهم قبل أن تتوصل محكمة أعلى درجة إلى حكم نهائي بات في الدعوى، بل يجب منعها من إثارة الشبهات مسبقًا حول أشخاص ينتمون إلى جماعة عرقيّة أو إثنيّة أو طائفيّة بعينها، إذ من شأن هذا النشر وإثارة الشبهات التأثير المباشر في الرأي العام، مما قد يولد قناعة قد تؤثر في إجراءات التقاضي، وهو ما أشارت له لجنة القضاء على التمييز العنصري المعنية بمتابعة الدول الأطراف في الاتفاقيات الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري والتي كانت من أولى الاتفاقيات التي انضمت لها دولة الكويت عام 1968.

وفيما يتصل بالقانون الوطني، نؤكد على التنفيذ الكامل والعادل لقانون حماية الوحدة الوطنية الذي أقر بالمرسوم رقم 19 لعام 2012 نصاً في مادته الأولى على التالي «يحظر القيام او الدعوة او الحض بأي وسيلة من وسائل التعبير المنصوص عليها... على كراهية أو ازدراء أي فئة من فئات المجتمع أو اثارة الفتن الطائفية أو القبلية أو نشر الأفكار الداعية إلى تفوق أي عرق أو جماعة أو لون أو أصل أو مذهب ديني أو جنس أو نسب أو التحريض على عمل من أعمال العنف لهذا الغرض أو إذاعة أو نشر أو طبع أو بث أو إعادة بث أو إنتاج أو تداول أي محتوى أو مطبوع أو مادة مرئية أو مسموعة أو بث إو إعادة بث إشاعات كاذبة تتضمن ما من شأنه أن يؤدي الى ما تقدم.

ان اسلوب التضخيم والتهويل كثيرا ما يتجني على المتهمين وحقوقهم، ويعكر صفو المجتمع. وكما يبدو أن صيغ وتصرفات النظام الشمولي، ما زالت تسيطر على أفكار وسلوك المؤسسة الأمنية، متناسية أننا ضمن مجتمع قبلي النسيج الاجتماعي متعدد الطوائف، وأن الوصمة الاجتماعية تظل تلاحقه طوال حياته، وقد تؤدي إلى زعمال انتقامية واسعة ومنفلتة. كما تفتقر الدولة والحكومة الى الارضية التي تسمح بتحديد معايير وسياسة واضحة لعرض أسماء وصور المتهمين بوسائل الاعلام. لذا نشهد الفوضى بهذا الجانب وخلطا مزاجيا بلا ضابطة. لقد أصبح من الضروري أن يتولى مجلس الأمة بالتنسيق مع مجلس القضاء الاعلى وممثلي حقوق الانسان والمفوضية السامية لحقوق الانسان والجهات الإعلامية وضع سياسة للدولة بمعايير واضحة بشان عرض صور وأسماء المتهمين والا سنبقى بمزاجيه شخصية خطرة، اذا لم نتصدى لها ونحد من تناميها بالتفريق الواضح مابين السياسي والجنائي، وإلا فإن مستقبل وطننا وعوائلنا وأولادنا في خطر.

وعلى ذلك نؤكد على الجهات الأمنية والإعلامية استشعار مسؤولياتهم بمراعاة الحس الوطني وحساسية الجريمة وتجنب المصالح الضيقة وحماية التحقيق بمراعاة أدبيات النشر فيما يتصل بها وحقوق المتهمين ومشاعر ذويهم والمجتمع وبأسره.

هذا، وستكون لنا وقفة أخرى قريباً، بعد الانتهاء من هذا المصاب الجلل وتجاوز آثاره، بوقفة جادة لتوضيح دورنا في استشعار خطر الفكر المتطرف وتنبيهاتنا له وهو في مهده، وطبيعة التفاعل الذي حصلنا عليه في حينه، وكيف يمكننا التعاون في حماية سلم المجتمع مستقبلا.
حفظ الله الكويت وشعبها وأصدقاءها المخلصين من كل مكروه.

الآن - محرر المحليات

تعليقات

اكتب تعليقك