وليد الرجيب ناصحاً السلطة: يجب التخلي عن نهج الانفراد بالقرار!

زاوية الكتاب

كتب 373 مشاهدات 0


الراي

أصبوحة  /  هل استفدنا من درس الغزو؟

وليد الرجيب

 

هذا السؤال يتردد على لسان كل كويتي، خاصة في الذكرى الـ25 للغزو والاحتلال البغيضين، كل مواطن تشرّد وكل مواطن عانى من تبعات الصمود والعيش تحت تهديد السلاح، وكل مواطن فُجع في ابنه أو ابنته أو صديقه أو جاره، من خلال الأسر والتعذيب الوحشي والإعدامات بتهمة حب الكويت، الجميع يتساءل:

هل تعلمنا من درس هذه الكارثة، التي هزّت كيان الكويتيين، عندما استيقظوا ذات صباح أسود، على محاولة محو وطنهم من خارطة العالم، ليتحول إلى المحافظة الـ19 للعراق؟ إذ لم يكن الاحتلال مجرد صفعة أو قرصة أذن، بل كان زلزالاً هزّ عقولنا وأبداننا وتركيبنا النفسي، وأصبنا بالدهشة والغضب للمباغتة الشريرة، وجحود الجار العربي.

كان الغزو والاحتلال مخططاً مسبقاً، ومشروعاً يهدف إلى تدمير مشروعنا الوطني الديموقراطي والحضاري والثقافي، لأن النموذج الكويتي كان يشكل خطراً على الأنظمة الديكتاتورية، ولم يكن هذا الاحتلال مجرد نزوة أو حماقة أو مغامرة فقط، كما شاركت به القوى العالمية بشكل أو بآخر، وحلبت من ثروتنا وما زالت بحجة حمايتنا من الأخطار.

لكننا بدلاً من أن نتعظ من هذا الدرس القاسي، بإتاحة مزيد من الحريات والديموقراطية، والحفاظ على ثروتنا ومشروعنا المستقبلي، نكصنا إلى نهج ما قبل الاستقلال، وأصبح المال العام مستباحاً لمن يملك اليد والأصابع الطويلة، وطال التخريب كل شيء.

بدلاً من الاعتماد على الشعب الكويتي الأبي والوفي، وإعادة الاعتبار لكونه مصدر السلطات جميعاً، تم تهميشه والانفراد بالنفود والقرار، وتكسير آمال الناس وقصقصة أجنحتهم، نكصنا إلى ما قبل الدستور ومؤسسات المجتمع المدني.

وها هو الإرهاب اليوم يملك أيضاً مشروعاً لجعل الكويت ساحة مواجهة، وحرب طائفية وإرهابية، فلم يكن تفجير مسجد الإمام الصادق وقتل أهلنا الأبرياء، مجرد حادثة معزولة، ولكنه كان مُفتتحاً لمشروع يستهدف الكويت ورمزيتها الحضارية والمدنية والثقافية.

كنا نعرف ذلك ونقرأ تطورات الواقع، ولكننا لم نتعامل معه كخطر داهم، يستلزم تغيير النهج الخاطئ وتغيير عقول أبناء الشعب وتحصينهم، وفرض ثقافة جديدة أكثر تقدماً، بديلاً عن الثقافة التي فرضتها علينا قوى الإسلام السياسي، التي لاقت كل الدعم من الحكومة منذ أواسط السبعينات، حتى أصبح لديها امبراطوريات مالية وعقارية داخل وخارج الكويت، وسطوة على ثقافتنا المستنيرة وعقول أطفالنا ووعيهم، الذي تشوه ويحتاج إلى سنوات طويلة لتعديله.

وحتى القوى السياسية في الكويت، التي أصدرت بيانات إدانة أو تضامن، ضد تفجير مسجد الإمام الصادق، اكتفت بذلك وتعاملت مع الجريمة وكأنها حادث مروري، ولم تعكس هذه الجريمة وعياً وفهماً لخطر الكارثة المحدقة، ولم تكن على مستوى الدور المنوط بها لتوعية وتعبئة الجماهير، ولم تكن على مستوى المشروع الإرهابي المعد بعناية.

نقول وقبل فوات الأوان، يجب التخلي عن نهج الانفراد بالقرار، واشراك الشعب الذي أثبت ولاءه للأرض والوطن، واطلاق الحريات وقيام نظام برلماني كامل، وسن قانون للعفو الشامل، لكي يكون الشعب ظهير الحكومة والقوى الأمنية في حفظ ما تبقى من مقدرات ومدنية الوطن.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك