توزيع صكوك الديمقراطية لا مكان له في عالم اليوم!.. بنظر خالد الجنفاوي

زاوية الكتاب

كتب 538 مشاهدات 0


السياسة

حوارات  /  توزيع صكوك الديمقراطية

د. خالد عايد الجنفاوي

 

تشير ظاهرة توزيع صكوك الديمقراطية إلى خطاب شخصاني وضيق للغاية حين يمنح أحد الأفراد العاديين نفسه الحق في وصف من يختلفون عنه أو معه بأنهم غير ديمقراطيين, فبالنسبة لهذا النوع من الأشخاص الذين يعتنقون التفكير الأحادي ويتأبطون وجهات نظر مشخصنة, لا يمكن ان يُصبح الإنسان الآخر المختلف ديمقراطياً فقط لأنه لا يتوافق معهم في الرأي أو لا يفكر وفق طريقة تفكيرهم.
شريكاً في المجتمع إذا كانت الديمقراطية تعكس تعددية الآراء والاذواق ووجهات النظر والمواقف السلمية في المجتمع, فلا يحق لأحد الأفراد العاديين نزع صفة الديمقراطية عن عقول ونوايا الآخرين. الإنسان الديمقراطي قولاً وفعلاً لا يتعنت لوجهات نظره الشخصية ما دام يؤمن أنه هو والآخر شركاء حقيقيون في العملية الديمقراطية المحلية, فإذا كنت أعتقد أن رأيي الشخصي كفرد لا بد أن يكون صواباً وحقاً دائماً, فالآخرون يحملون أيضاً وجهات نظر مشابهة لرأيي تتمثل باعتقادهم بمشروعية وصدق وصواب آرائهم الشخصية! لا يمكن في أي حال من الأحوال أن يدعي أحدهم أنه ديمقراطي ومتمدن أو متحضر أو متعلم ومتنور ما لم يعترف بتعددية مجتمعه. فليس من المنطق محاولة حصر واحتكار التفكير الديمقراطي في سلوكيات وتصرفات فئة اجتماعية معينة دون أخرى, أو الاستعلاء على مواطنين آخرين فقط لأنهم مختلفين. فمن يرفض قبول تعددية المجتمع وحتمية اختلاف وجهات نظر المواطنين ويصر على احتكار التفكير الديمقراطي الصحيح لدى فئة معينة من الناس لا يؤمن بالديمقراطية. بل أن في العقل والمنطق ان الديمقراطية الفعلية تتجلى بشكلها الصحيح في قبول تنوع وجهات نظر المواطنين والاعتراف المتبادل بينهم بتعددية المجتمع. فمن يرفض قبول “التعددية الاجتماعية” في بيئته الوطنية ويحاول قسراً تحديد وحصر السلوكيات والتصرفات الديمقراطية والوطنية والعقلانية أو المدنية لدى طبقة معينة أو لدى مجموعة اجتماعية دون أخرى لا يمارس الديمقراطية.
الديمقراطية الحقيقية كما نقرأ عنها في كتب المؤلفين الغربيين والمهتمين بمتابعة تاريخ تطور الفكر الديمقراطي وكما نطلع على ممارساتها اليومية في بعض المجتمعات الغربية ترتكز في مبادئها الأساسية على قبول التعددية والتنوع الفكري واختلاف وجهات النظر وتمكن كل أعضاء المجتمع مهما كانت طبقتهم الاجتماعية من المشاركة الفعالة والسلمية في النقاش الديمقراطي. الديمقراطية ليست لفئة دون أخرى, فمحاولة احتكار مشروعية التفكير والسلوك الديمقراطي تتعارض بشكل واضح مع كل مبدأ ديمقراطي سطرته التجارب الديمقراطية التاريخية. توزيع صكوك الديمقراطية لا مكان له في عالم اليوم.

السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك