لم تشهد العلاقات الخليجية - الأميركية فتورا كالذي تشهده اليوم.. هكذا يرى محمد الزعبي

زاوية الكتاب

كتب 554 مشاهدات 0

محمد الزعبي

 الأنباء

الولايات المتحدة التي لا نعرف

محمد الزعبي

 

لم تشهد العلاقات الخليجية - الأميركية منذ بدئها قبل عقود فتورا كالذي تشهده اليوم، واللامبالاة الأميركية بالتهديدات الإقليمية لدول مجلس التعاون تزيد الهوة اتساعا ما بين الحلفاء، الانكفاء الأميركي عن المنطقة بدا أكثر جلاء مع ولاية أوباما الثانية، ولعله ردة فعل متوقعة على تورط الإدارة الجمهورية السابقة في حروب متتالية استهلكت مئات المليارات من الدولارات والآلاف من الأرواح، لكن ردة الفعل هذه خرجت عن الحد المسموح لتقترب من مرحلة رفع اليد بالكلية عما يجري في المنطقة ما خلا النزر اليسير من العمليات المختارة ضعيفة الأثر، مما سيعرض الأمن الإقليمي لخطر محدق ويعرض معه بقاء التحالفات الخليجية - الأميركية على سابق عهدها.

ضعف إدارة أوباما في وضوح سياساتها في قضايا عدة جعل النقد يطولها حتى من قبل أعضاء سابقين فيها، وهذا ما دعا وزير الدفاع السابق في إدارة أوباما تشاك هيغل إلى لوم إدارة أوباما في تعاطيها مع القضية السورية وفشلها في فعل المزيد بشأن الملف الأوكراني مع قدرتها على ذلك، هذا الفشل يصدق أيضا على الملف الإيراني في المنطقة الذي أتاح للإيرانيين بعد الاتفاق النووي القيام بتجارب صاروخية محمومة تجعل السلم الإقليمي على صفيح ساخن وتجعل الجوار العربي يتوجس منها خيفة، وللتغطية على الترهل البين في سياسته الخارجية عمد أوباما في حوار مع مجلة أتلانتيك على توزيع النقد الصريح غير المعتاد لحلفاء الولايات المتحدة التقليديين في محاولة للهروب للأمام ووضع وزر إخفاقاته الخارجية في المنطقة والعالم على عاتق الأصدقاء.

للتدليل على أن العلاقة الخليجية مع الولايات المتحدة في طريقها إلى مزيد من الفتور ما أقره مجلس الشيوخ الأميركي و«بالإجماع» بشأن قانون يسمح لأهالي ضحايا الحادي عشر من سبتمبر بمقاضاة أفراد في الحكومة السعودية لأدوار مزعومة لهم في الهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة، ولا أدري ما الذي جعل مجلس الشيوخ الأميركي يتذكر بعد عقد ونصف ضحايا سبتمبر ويتعاطف معهم عبر إقرار قانون يضعف صمود علاقات وثيقة ويفضي بها ربما إلى الجفاء والقطيعة الكلية؟

الولايات المتحدة اليوم ليست التي نعرف بالأمس وانكفاؤها عن المنطقة لن يزيد الأوضاع إلا سوءا بما في ذلك مصالحها الحيوية إذ لا حامي لها عندئذ، ويكفي النظر إلى ما آلت إليه الأمور في أفغانستان والعراق لدى الانسحاب الأميركي المتعجل منهما حتى تدرك الإدارة الأميركية الحالية واللاحقة أن شرطي العالم لا يليق به أن يصرف بصره عما يدور في أنحائه، ولا يجدر به أيضا أن يخلق مشكلة ثم يخلفها وراء ظهره ويرحل، ويبدو أن جائزة نوبل للسلام أصبحت شهادة عالمية لحب السلام والسعي من أجله، لكنها أيضا شهادة أخرى على ضعف السياسة الخارجية وإشارة خاطئة للدول المارقة لشن مزيد من الحروب على الاستقرار والسلم الدوليين!

 

 

الانباء

تعليقات

اكتب تعليقك