لا يمكن أن يستقيم مع الفساد المستشري.. حسن عباس يكتب عن الاصلاح الاقتصادي

زاوية الكتاب

كتب 537 مشاهدات 0

د. حسن عباس

الراي

الإصلاح الاقتصادي.. والسُراق!

د. حسن عباس

 

مشروع الحكومة حول الاصلاح الاقتصادي، نظرياً جميل ومشجع، لكنه عملياً يصطدم بواقع مرير ولا معنى له لانه يفتقر الى المقومات الصحيحة.

انعقدت في جمعية المحامين قبل يومين، ندوة بعنوان «الفكر الشبابي والرؤية الحكومية للاصلاح الاقتصادي» شارك فيها علي الخميس والتحالف الوطني (ممثلاً بأمينها العام بشار الصايغ) وتحدثا عن امكانية تحقيق الرؤية الحكومية على ارض الواقع. وقد تحدثت قبل شهر تقريبا عن الموضوع نفسه، ولا بأس أن نُعاود الحديث عنه من جديد.

تقريباً لن تجد من بين القوى المؤثرة في الكويت من يؤيد المذكرة الحكومية تلك، فالجميع مُقتنع بأنها وثيقة في أحسن أحوالها، وفي اسوئها ان فيه اباحة شديدة للحكومة للتوسع في عمليات التخصيص وشمولها لأهم القطاعات الاقتصادية، كالصحة والتعليم والنفط. ولانها «وثيقة خطيرة» وتريد الحكومة تمريرها بأي شكل، مرت مرور الكرام على مجلس الامة وعبرت الى احدى اللجان النيابية. ولأن الوثيقة تحوي رائحة تزكم الانوف رغم محاولات التكتم الشديد، خرج تصريح حكومي يحاول تلطيف الاجواء بأنه ليس مشروع قانون بل مجرد رؤية حكومية!

عموماً لا يهمنا أن كانت الحكومة صادقة أم تريد جس النبض، فالمهم ان الندوة السابقة أثارت العديد من النقاط المهمة، أريد ان استثيرها سريعاً... الاصلاح الاقتصادي الذي تحدثت عنه الحكومة لا يمكن أن يرى النور لأن مشروعها يفتقر الى المقومات الصحيحة. وقد ذكر المتحدثون في الندوة بأن الاستقرار السياسي يُعد المحور والعمود الفقري للاصلاح الاقتصادي. وقد تعرض لهذا الجانب النائب علي الخميس، قائلاً بأنه يصعب ان يمر الاقتصاد الى مرحلة التطور ما لم تُعالج قبل ذلك الكبوات السياسية. وتقريباً تحدث بشار الصايغ في الاطار نفسه، وأكّد على هذه الجزئية، واضاف عليها جزئية متعلقة بالفساد.

الموضوع مهم بلا شك والاصلاح الاقتصادي مطلوب، وما قاله المتحدثان، صحيح بلا ريب. واضيف على ما طُرح في الندوة أن الاصلاح الاقتصادي لا يمكن له ان يستقيم مع الفساد المستشري. فالفساد المستشري في الرياضة اشهر من ان نستعرضه. ومثله في ما يخص الاموال العامة... والفساد عنصري ويتم تبويبه بحسب درجة القُرب من اصحاب النفوذ!

والابلى أن الفساد ليس فقط مستشرياً في الوقت الحالي فحسب، فالانظمة التعليمية اليوم تُعاني الفساد بسبب الدكاكين الجامعية والشهادات المزورة. وما يزيد الامر سوءاً وبدلاً من ان نعترف بحجم المشكلة على اعتبار ان الاعتراف، يعد الخطوة الاولى نحو الحل، تجد تصاريح كل يوم تقريباً، بأن لا دليل على وجود حالات غش ولا تسريبات للامتحانات. فعن اي اصلاح نتحدث ومواردنا البشرية تُبنى وتُصمم على اسس واهية.

اضف لذلك، ان الندوة السابقة هي بنفسها تعاني من الكفاءة المطلوبة لانجاح مخطط بحجم الاصلاح الاقتصادي. ما اعنيه ان الاستقرار السياسي الذي اعتبره احدهم الاساس والبُنية التحتية للاصلاح الاقتصادي، جزء كبير في اختلاله آتٍ من الشعور العنصري المنتشر في المجتمع والذي يُذكيه الخطاب الطائفي. ولو راجعت تغريداته لاكتشفت أن أكثر من 50 في المئة منها تصب في زاوية عدم الاستقرار السياسي، كل ذلك وعمره النيابي، صغير. فكيف ستُعالج مشاكلنا الاقتصادية والسياسية، ومن يطرح الحلول هم اصلاً اجزاء من المشكلة؟

الاصلاح الاقتصادي والسياسي والاجتماعي كُل متكامل وباقة يجب ان تتكاتف مع بعضها لتبلغ الهدف المنشود، أما أن نتحدث عن مشاريع الاصلاح ونسير عكس السير، فهذا خلاف للمنطق الصحيح.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك