حالة العقم السياسي سببها مجلس الأمة.. هكذا يرى صالح العنزي

زاوية الكتاب

كتب 470 مشاهدات 0

صالح العنزي

النهار

أصبوحة- ديموقراطية بلا ديموقراطيين

صالح العنزي

 

يبدو ان ديموقراطيتنا تنحدر يوماً بعد يوم الى واد سحيق دون ان يكون لهذا الانحدار اسباباً وجيهة او مقنعة سوى أن بعض القائمين عليها (وليس كلهم) ليسوا أهلاً للحمل ودون مستوى الحمولة، فالأوضاع المالية والسياسية للدولة رغم كل هذا الصراخ والتشاؤم عادية ولا تدعو الى الخوف، لكن يبدو أن الحكومة التي أكثرت من الصراخ دون داع إنما فعلت ذلك اتقاءً لما قد يطرأ وإبراءً للذمة مما قد يقع، وأما المجلس فقد تبعها من باب الحكومة أبخص، خاصة وان المجلس لم يعد المجلس والأعضاء ليسوا الأعضاء، لا اقصد الحالي فقط وانما المجالس الاربعة او الخمسة الأخيرة، فالمؤسسة الديموقراطية لم تعد ولّادة كما في السابق، حيث لم يعد بالإمكان تعويض احمد الخطيب وحمد الجوعان ويعقوب حياتي وبقية (الراسخين) في الديموقراطية، ذاك زمن ذهب الى غير رجعة، حيث نشاهد اليوم مواقف بعض النواب وليس كلهم متناقضة الى حد الفوضى إذ يصرح البعض منهم برأي ويعلن في قاعة المجلس ما يناقضه ثم يختفي لحظة التصويت فلا يشارك ويناقض الرأيين فتجده في قضية واحدة قد عارض ووافق وامتنع عن التصويت دون ان يؤنبه ضمير او يعرق له جبين، وفي هذه الحالة لا يمكننا ان نسمي هذا سياسياً وانما هو اقرب الى دلّال سياسي او شريطي سياسة وعلامات هذا النوع من السياسيين متعددة اذ إنه لا يتواجد الا في القضايا التي تندرج تحت بند (قضايا الشيف رمزي) المطبوخة خلف الكواليس من قبيل زيادة فاتورة الكهرباء او تقليل مخصصات العلاج السياحي او رفع حصانة زميل وهلم جراً، وأما القضايا المتوسطة والكبيرة فإنه إما غائب أو مجرد اصبع ترتفع مع النعم او اللاء دون دراية بنتيجة ارتفاع هذه الاصبع وما تجره على الوطن والمواطن من مصائب (وعلمٍ خايب)، وإنما مع الخيل يا شقرة ومع ريح الهوى مسافر.

علامة اخرى أكثر وضوحا يمكن تمييز هذا النائب بها وهي ارتباكه لحظة الحديث امام المايك وكأنه يقف أمام الحجاج بن يوسف أو أبي جعفر المنصور أو جوزيف ستالين أو أي جوزيف آخر ولو (كح) أحد زملائه أو تنحنح لانفرط خيط النظام وتعطلت لغة الكلام، اضف الى ذلك أنه لا يملك وجهة نظر في قضية او رأي في موقف وليس لديه من قواعد التفكير أسّاً ولا من مساحات الفهم حساً.

هذه الحالة من العقم السياسي أحد أسبابها لا كلها المجالس السابقة التي تراكمت خلال ست او سبع سنوات بما يزيد على اربعة او خمسة مجالس والتي سن بعض أعضائها سننا أقرب الى البدع من قبيل فتح صنبور المعاملات على آخره وفتح الفم للبذاءة على آخره وفتح بعض الجيوب لتمتلئ على الآخر، ومن هنا انتاب المواطن شعور باليأس فأصبح لا يبالي ان وصل زيد او عبيد ولذلك اختلط الحابل بالنابل فضاع الزين بالشين وتساوى (الكويّس والوحش) وأصبح البعض لا يعي أقواله او أفعاله ولا غرابة في ذلك بعد تدني مستوى أهم مؤسستين تربويتين وهما الاسرة والمدرسة فأصبح بعض الأولاد يخرج من بيت أهله بتربية ويتخرج من المدرسة غير متعلم فيقتحم معترك السياسة بلا تربية ولا تعليم ليصبح سياسياً بدرجة دلال فيخرج بعد ذلك من الباب الذي دخل منه دون ان يسمع به أحد مثلما دخل في غفلة من الزمن. فعلى الرغم من أني كنت أظن نفسي متابعا جيداً للساحة المحلية الا أني تفاجأت وأنا أقرأ نتيجة التصويت على أحد المشاريع ببعض الأسماء التي لم أسمع بها من قبل رغم ان المجلس سنة ثالثة حب ولا ادري إن كان التقصير مني أم من الزمن (الردي).الذي تجرأ ودخل فيه للميدان من لا يجيد الحرب والطعان.

وإذا لم يتدارك الغيورون والمهتمون الأمر ويعالجوا هذا التردي الخطير فقد نصل الى الهاوية حيث سينشأ جيل جديد لم ير الا الفوضى وربما تصبح الفوضى هي الاصل وساعتها سيفقد المواطن الثقة بمجلسه تماماً فينتابه العزوف ويصبح عدد المرشحين في كل انتخابات أكثر من عدد الناخبين وعندها سيفوز بالعضوية من يجمع تسعة أصوات او عشرة وسيكون الفرق بين آخر الفائزين وأول الخاسرين صوتاً أو صوتين.

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك