الشباب مطحون يا ريس!.. بقلم محمد العطوان

زاوية الكتاب

كتب 620 مشاهدات 0

محمد العطوان

الراي

خواطر صعلوك- الشباب مطحون يا ريس!

محمد ناصر العطوان

 

لي صديق أن تقرأ عنه في مقال خير من أن تجلس معه في المقهى. وصديقي هذا كان شابا جميلا ولطيفا خفيف الظل ذا شخصية عريضة المنكبين، ولكن كل هذا اختفى تدريجياً لأنه اتخذ القرار الذي ينبغي أن يتخذه أي كائن حي سواء كان أرضيا أو مائيا أو برمائيا... لقد قرر المسكين أن يتزوج!

والمشكلة لم تكن في الزواج ولكنها كانت في تبعاته، ففي عالم الطيور الزواج لا يكلف شيئا إلا مكان وضع البيض، وفي عالم الإنسان أصبح من السهل عليك أن (تبيض) بدلاً من أن تبحث عن (عش)، ولو كان الروائي الفرنسي فيكتور هيغو حاضرا معنا بالأمس، لكتب رواية أجمل من رواية «البؤساء» خصوصاً عندما بدأ صديقي بسرد هذا الجزء من قصته والذي يقول فيه «بحسبة بسيطة يا أخي قل لي بالله عليك كيف أتزوج؟ راتبي الشهري 1300 دينار مع بدل الإيجار، وعندما ذهبت لأبحث عن شقة للإيجار وجدت أن متوسط الأسعار لشقق بحجم علب الكبريت 450 دينارا وبموقف سيارة واحدة، ولكنني أعتقد أنني أستحق سكنا يليق بالآدمي، لذلك فالشقق المناسبة بسعر 550 دينارا، وقد وجدتها بعد أن تورم كعبا قدمي وتهتكت حبالي الصوتية مع الملاك لكي يخفضوا جناحهم بالسعر. ثم ماذا؟ احسب معي هذه الحسبة البسيطة، إيجار الشقة 550 دينارا، وقسط سيارتي 190 دينارا، وراتب عاملة المنزل 100دينار، ولكي أخرج من الجمعية التعاونية بعربة واحدة لشهر كامل أحتاج الى 140 دينارا، وزد على ذلك قسط قرض الزواج وبنزين السيارة والسيرفس وبعض المصاريف الشخصية لي ككائن حي من حقه أن يعيش!! ولابد لكي تستمر الحياة الزوجية أن نخرج معا كزوجين في أي مطعم لنمارس طقوس الرومانسية، وهذا قد يحتاج مبلغ 80 دينارا مع الحلو والقهوة على اعتبار أننا سنخرج مرتين في الشهر، وعلى افتراض أنني لن اشتري ملابس أو أسحب مبلغا من البنك ولن اسدد فواتير هاتفي، وغيرها!! فأنا يا سيدي العزيز أحتاج كل شهر فوق معاشي الى 150 دينارا سلفة لكي أتمكن من العيش فوق خط الفقر وقبل خط التسلل. فسبحان من جعل الدنيار قويا جداً أمام كافة عملات العالم وجعله ضعيفا جدا في جيوب المواطنين، (عموماً عندك 200 دينار سلف؟).

وبهذا عزيزي القارئ يكون انتهى المشهد، وأغلقت إضاءة المقهى وأسدل الستار على حكاية يعاني منها الكثير من الشباب وتتكرر كل يوم. وأثناء غلق الستارة سمعنا صوت بسيوني، عامل المقهى، وهو يقول «وعندك واحد مواطن مضروب بالخلاط وصلحه»... ثم ساد الظلام.

***

حسب استطلاع مجلس الأمة الموقر لأولويات الشعب الكويتي كانت النتائج كالتالي:

1- قضية الإسكان.

2- الخدمات الصحية.

3- التعليم.

لذلك فالشعب لن يعتبر أي مجلس ذا إنجاز مالم ينه أو على الأقل يخفف ضرر هذه المشاكل.

***

وقفة

سئل جبران خليل جبران عن الألم، فقال:

هو انشقاق القشرة التي تغلف إدراككم.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك