هل الحضارة الحالية حضارة متقدمة؟؟.. يتسائل ناصر الشتلي

زاوية الكتاب

كتب 594 مشاهدات 0

ناصر الشتلي

النهار

رأي- هل عصرنا متطور؟

ناصر الشتلي

 

الله سبحانه وتعالى جلَّ في علاه خلق سيدنا آدم وعلمه جميع الأسماء قال الله تعالى في محكم تنزيله في سورة البقرة آية رقم31 «{وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا... }». من خلق سيدنا آدم وهو أبوالبشرية تمكن البشر من معرفة جميع العلوم وذلك بعد أن علم الله سبحانه وتعالى نبيه آدم جميع أسماء الأشياء والذي ورَّث علمه للبشرية من بعده يتدارسون ويبحرون في بحار العلم والمعرفة كل حسب طريقته التي يختارها.

أيَّد الله جل جلاله أنبياءه بمعجزات يتحدون بها أقوامهم ، فالمعجزة لغة من العجز وعدم القدرة ، واصطلاحا هي أمر خارق للعادة يجريه الله سبحانه وتعالى على يد نبيّ من أنبيائه مقترنا برسالة متحديا فيه البشر أن يأتوا بمثله ، فالمعجزة هي خلاف ما اعتاده البشر من أمور الحياة وأسبابها. أرسل الله سيدنا نوحًا لقومه وعلمه عن طريق الوحي صناعة الفلك التي لم تكن تعرفها البشرية قبل ذلك عندما بدأ نوح في بنائها وهي مكونة من ثلاثة طوابق وكان مكان بنائها في وسط الصحراء. وبعد ذلك أرسل الله نبيه صالحًا لقوم ثمود الذين كانوا ينحتون من الجبال بيوتًا فارهة محترفين بنحتها لهم وهنا نستشهد من القرآن الكريم في سورة الشعراء آية رقم149{{ وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ }}. وهنا تحدى قوم ثمود نبيهم صالح بأن يخرج الله من صخرة من أحد الجبال التي كانوا ينحتونها بمهارة واحتراف ناقة حتى يؤمنوا بدعوته.

وذكر الله تعالى سيدنا سليمان في القرآن الكريم وطلب النبي سليمان من الله تعالى بأن يعطيه ملكًا لم يكن لاحد من العالمين فدعا ربه قائلاً في سورة ص آية رقم35 {{ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ }}. فسخر الله تعالى لسليمان الريح والشياطين منهم البناء ومنهم الغواص في البحار ومنهم المارد الموثق بالأغلال وكذلك علم سليمان منطق الطير والحشرات والحيوانات.

برع الناس في عصر سيدنا عيسى عليه السلام في مجال الطب فناسب أن يؤيّد الله سبحانه وتعالى نبيه عيسى بمعجزة من جنس العمل ، حيث كان يبرئ الأكمه الذي ولد وهو أعمى ويبرئ الأبرص ، حتى وصلت براعته في علم الطب وتفوق فيه بأنه يحيي الموتى بإذن الله تعالى.

وبعد ذكر الشواهد السابقة وأنا أقرأ آيات من القرآن الكريم استوقفتني آية رقم9 في سورة الروم {{ أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا.... }}.

وجلست بيني وبين نفسي أتساءل هل التطور والعلم الذي نحن فيه حاليًا سبقتنا به الأمم التي مضت أم أن هذا التطور ناتج من ثورة علمية للإنسان المعاصر؟ وذهبت أبحث وأقرأ في سير الأنبياء ولكن القرآن الكريم كان صريحًا في الآية التي توقفت عندها أننا مهما وصلنا من علم فلا يمكننا أن نصل إلى تطور وتفوق الأمم السابقة سوف أتلمس بعض الإجابات عن تساؤلاتي من خلال تأملاتي في معجزات الأنبياء التالية:

في زمن سيدنا نوح عرفت البشرية صناعة الفلك وهندستها عندما أمر الله تعالى سيدنا نوحًا ببناء سفينة عملاقة لم يسبق لها في زمنها والأزمنة التي تلتها أن تبني سفينة بضخامة حجمها وقوة صلابتها التي تقاس قوتها بمقدار مواجهتها أمواجًا كالجبال لقوله تعالى في سورة هود آية رقم42 {{ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ.... }} وهنا أتساءل هل تستطيع مصانع السفن في وقتنا الحالي التي توارثت علم بناء السفن من الأمم السابقة أن تصنع سفينة واحدة تقدر أن تواجه أمواجًا كالجبال؟!

وفي زمن قوم ثمود كانوا ينحتون الجبال باحتراف ومهارة عالية ودقة تميزت بالجودة لكي يجعلوا من الجبال بيوتًا لهم وهنا تساءلت كيف كان قوم صالح ينحتون الجبال؟ وما أجهزتهم  ومعداتهم التي استخدموها في نحت الجبال بهذه المهارة والدقة ونحن الآن نستخدم معدات ثقيلة في نحت الجبال لكي نجعل منها بيوتًا لنا والذي يستغرق أشهرًا وقد يصل لسنوات. وعندما شاهدت صورًا لبيوت قوم ثمود كنت مندهشاً بزخرفة بيوتهم من الخارج بزخارف تميزت بحرفية ومهارة ودقة في النحت من حيث المقاسات والرسومات ولكن السؤال هنا ما أدواتهم ما موادهم التي استخدموها في نحتهم وزخرفة بيوتهم من الخارج؟! لأن في زمننا الحاضر عندما نريد أن ننحت حجرًا نستخدم أجهزة معينة ودقيقة وقياسات عن طريق نحت الليزر لكي يخرج الحجر بزخرفة يقال عنها زخرفة محترفة أليس هذا يدعونا إلى التفكر والتدبر بأن الشعوب السابقة سبقتنا بالتطور والعلم والمعرفة؟

وفي تساؤلاتي مع زملائي في عملي وأثناء المناقشات العلمية جلست أنا وزميل لي في العمل يشهد له بالعلم والمعرفة واستذكرنا قصة نبينا سليمان وما بها من غرائب وعجائب مثل انتقال نبينا سليمان عبر البساط عن طريق الرياح وهي مسخرة له وكذلك تطرقنا لجنود جيش سليمان المكون من البشر والعفاريت والجن والحيوانات وكيف كان يتفاهم قائد الجيش مع هذه المخلوقات أثناء المعارك؟! وطرحت عليه سؤالا هل كان هناك مترجم ضليع ملم بهذه اللغات؟ وأثناء حديثي مع زميلي توقفت ونحن نبحث في القرآن الكريم عند آية رقم40 في سورة النمل وهي {{ قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَ?ذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ }}. وهنا طرحت سؤالا على زميلي الفاضل وقلت له :- (( كيف أحضر الذي عنده علم الكتاب عرش بلقيس من اليمن إلى فلسطين في لمح البصر؟ وهل كانت العلوم والتكنولوجيا متطورة في عصر سليمان ونحن لا ندري؟ نحن نعلم انه حتى في عصرنا الحالي وبالرغم من التطور والتقدم العلمي الهائل في العلوم فإن العلماء إلى الآن  لم يتمكنوا من نقل الأشياء من مكان إلى آخر وذلك بتحويل المادة إلى طاقة ثم إعادتها إلى سابق عهدها)).

وفي علم الطب لم أنسَ نبينا عيسى عليه السلام عندما اشتهر بعلمه في الطب الذي كان يتحدي قومه به وهو من الله عز وجل لأن قومه اشتهروا وتفوقوا بعلم الطب والتطبب فكان علمه أنه يبرئ الأكمه الذي ولد وهو أعمى ويبرئ الأبرص وكان يحيي الموتى بأمر من الله تعالى وكان يشكل بيده طير من الطين فينفخ فيه فيكون طيرًا حيًا وهذا كله كان بإذن الله تعالى. وهنا تساءلت هل تمكن سيدنا عيسى عليه السلام من معرفة سر الروح وذلك بمعجزة من الله تعالى؟ وهل عندما نشاهد في وقتنا الحالي أطباء العيون عند إجرائهم بعض عمليات العيون للمرضى الذين ولدوا وهم مصابون بالعمى وبعد العملية نراهم يبصرون هل هذه العمليات شيء جديد أم سبقنا به سيدنا عيسى عليه السلام عندما كان يبرئ الأكمه؟!

تساؤلات كثيرة يعجز لساني عن ذكرها حتى لا أقع في خلاف بيني وبين علماء الدين والفقه ولكن عندما نذكر معجزات الأنبياء في عصرهم فإنها معجزة حقيقة في عهدهم ولكن أكثر المعجزات نراها الآن في حياتنا ونعتبرها شيئاً عادياً ولا يستغربها العقل مثل تحليق الطائرات والصواريخ ولكن في زمن سيدنا سليمان تعتبر معجزة وهو يحلق ببساطه عبر تسخير الرياح له وكذلك لا نستغرب من زخرفة بيوتنا من الخارج التي أصبحت موضع تفاخر بين الناس في وقتنا الحاضر حتى إنه وصل هذا التفاخر بالزخارف إلى المساجد والجوامع التي كل دولة تحاول أن تتميز ببناء جامع يكون له الصدارة في الأعمال الزخرفية بين الدول الأخرى.

السؤال الأخير:- هل الحضارة الحالية حضارة متقدمة أم نحن نعيش في حضارة ناتجة عن خلاصة حضارات الأمم السابقة؟

سبحان الله! فوق كل ذي علمٍ عليم.

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك