الصناديق السيادية هي ثروة الشعب والأجيال القادمة والمساءلة السياسية مشروعة واستحقاق دستوري.. برأي خالد الطراح

زاوية الكتاب

كتب 353 مشاهدات 0

خالد الطراح

القبس

من الذاكرة- سرية الصندوق السيادي الكويتي!

خالد الطراح

 

آمل في أن تتوّج التساؤلات التي طرحها الأخ النائب عبدالوهاب البابطين أخيرا، بشأن الصناديق السيادية للدولة، إلى مساءلة سياسية جادة، تضع الأمور في نصابها الصحيح، خصوصا في ظل تضارب المعلومات عن «عجز مالي فعلي أو عجز دفتري».

منذ سنوات كتبت عن الخطأ، الذي يصاحب العرض الحكومي لاستثمارات الدولة، وما مدى صحة ما يتم تحقيقه من أرباح لصندوقي الأجيال القادمة والاحتياطي العام، وهو خطأ يتمثّل في ممارسة تاريخية لم يصاحبها أي تجديد أو تغيير، حيث يتم عرض الأرباح أو الملاءة الاقتصادية والمالية خلال جلسة سرية لمجلس الوزراء!

بعد مرحلة العرض على الحكومة، يأتي دور العرض في مجلس الأمة، ولكن خلال جلسة سرية بناء على طلب الحكومة، ويضل السؤال: هل يمكن، خلال ساعات من عرض مرئي من ناحية الحكومة لاستثمارات الدولة، لأي نائب من التحليل والمناقشة العلمية والمهنية، خصوصا أن المعلومات التي يتم عرضها لا يتم توزيعها على النواب مسبقا، أو حتى تتم مناقشتها خلال لجان المجلس، تمهيدا للمناقشة أثناء جلسة مجلس الأمة؟

طبعا من الصعب على النواب مناقشة ما يتم عرضه من أرقام، والمقارنة في ذات الوقت مع المؤشرات العالمية للصناديق السيادية، وهي معلومات وبيانات منشورة على الإنترنت، إضافة إلى تناول كثير من الجهات المالية العالمية لبيانات الصناديق السيادية، بما في ذلك الصندوق السيادي الكويتي، فأين مبرر وسبب سرية المعلومات؟

تقارير ديوان المحاسبة تناولت منذ حوالي 14 عاما العديد من المخالفات في استثمارات الدولة، والمخاطر التي صاحبت تلك المرحلة، وحددت أيضا تجاوزات بمبالغ خيالية، بينما كان رد الهيئة العامة للاستثمار، كما ورد في تقارير ديوان المحاسبة، أنه «سيتم تلافي الأخطاء والمخاطر»!

«المخاطر والتجاوزات» ليست بسيطة، وإنما هي في الواقع بمليارات الدنانير، الأمر الذي يستدعي فعلا المساءلة السياسية، وإجبار الحكومة على إتاحة الفرصة لنواب الأمة على الاطلاع على كل البيانات والمعلومات بشكل شفاف ومسبق للعرض السري، وربما الاستعانة بخبراء اقتصاديين وماليين لتقديم مقارنة مدروسة لمؤشرات الأسواق العالمية مع مؤشرات استثمارات الدولة.

السرية التي تتذرع بها الحكومة أو وزارة المالية ليس لها مبرر، فمن ناحية دستورية ينبغي أن تشترك السلطة التشريعية في تحليل بيانات استثمارات الدولة، علاوة على حق الشعب في معرفة مستقبل الاستثمارات السيادية للدولة، «فالاحتياطي العام»، كما ذكر الأخ النائب عدنان عبدالصمد، «معرض للنضوب»، على حد تعبيره.

منهج السرية الذي تنتهجه الحكومة يثير الشكوك في الملاءة الاقتصادية، خصوصا إذا ما أخذنا بالاعتبار تحفّظات رئيس اللجنة الاقتصادية في المجلس الأعلى للتخطيط، الأخ الفاضل ناصر الروضان، بخصوص ميزانية للدولة، فقد أكد أخيرا في تصريح صحافي «أن ميزانية 2017 ــــ 2018 جاءت طبق الأصل للميزانيات السابقة»، بينما وزير المالية يقول العكس عن الوضع المالي والاقتصادي للدولة!

حقيقة الوضع المالي مجهول وغامض، وكذلك مستقبل الصناديق السيادية، وربما العلم عند سلطة أخرى ضمن السلطة الحكومية، يحق لها ما لا يحق لنواب الأمة والشعب!

الصناديق السيادية هي ثروة الشعب والأجيال القادمة، والمساءلة السياسية مشروعة واستحقاق دستوري عاجل ليس محل تهاون نيابي نحو سرية مفرطة!

مناقشة الميزانية والاستثمارات على الأبواب، وآمل في أن نشهد تغييرا منهجيا في المناقشة يتيح للنواب المشاركة في تحديد مستقبل ثروة الشعب.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك