رمضانيات .. يكتبها وائل الحساوي

زاوية الكتاب

كتب 649 مشاهدات 0

وائل الحساوي

الراي

نسمات- رمضانيات

وائل الحساوي

 

عن ابن عمر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قاتل أهل خيبر حتى ألجأهم إلى قصرهم، فغلب على الأرض والزرع والنخل، فقالوا: يا محمد، دعنا نكون في هذه الأرض نُصلحها، ونقوم عليها، ولم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا لأصحابه غلمان يقومون عليها، فأعطاهم خيبر على أن لهم الشطر (النصف) من كل زرع ونخل ما بدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عبد الله بن رواحة يأتيهم في كل عام فيخرصها عليهم (يقدر حجم الزرع)، ثم يضمنهم الشطر، فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في عام شدة خرصه، وأرادوا أن يرشوه، فقال: «يا أعداء الله، تطعموني السحت، والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إلي، ولأنتم أبغض إلي من عدتكم، من القردة والخنازير، ولا يحملني بغضي إياكم وحبي إياه على أن لا أعدل بينكم»، فقالوا: بهذا قامت السموات والأرض».

 

من أروع المحاكمات على مر التاريخ

نادى الحاجب: يا قتيبة (هكذا بلا لقب)، فجاء قتيبة وجلس (وهو قائد جيوش المسلمين).

قال القاضي: ما دعواك يا سمر قندي؟

قال: اجتاحنا قتيبة بجيشه، ولم يدعونا إلى الاسلام ولم يمهلنا حتى ننظر في أمرنا.

التفت القاضي إلى قتيبة وقال: وما تقول في هذا يا قتيبة؟

قال قتيبة: الحرب خُدعة، وهذا بلد عظيم، وكل البلدان من حوله كانوا يقاومون... ولم يدخلوا الإسلام ولم يقبلوا بالجزية.

قال القاضي: يا قتيبة هل دعوتهم للإسلام أو الجزية أو الحرب؟

قال قتيبة: لا، انما باغتناهم كما ذكرت لك.

قال القاضي: أراك قد أقررت.. وإذا أقر المدعى عليه انتهت المحاكمة... يا قتيبة ما نصر الله هذه الأمة إلا بالدين واجتناب الغدر وإقامة العدل قضينا بإخراج جميع المسلمين من أرض سمرقند من حكام وجيوش ورجال وأطفال ونساء، وأن تترك الدكاكين والدور، وأن لا يبقى في سمرقند أحد، على أن ينذرهم المسلمون بعد ذلك، لم يصدق الكهنة ما شاهدوه وسمعوه، فلا شهود ولا أدلة.

ولم تدم المحاكمة إلا دقائق معدودة ولم يشعروا إلا والقاضي والحاجب وقتيبة ينصرفون أمامهم بعد ساعات قليلة سمع أهل سمرقند بجلبة تعلو وأصوات ترتفع وغبار يعم الجنبات، ورايات تلوح خلال الغبار، فسألوا... فقيل لهم: إن الحكم قد نفذ، وأن الجيش قد انسحب، في مشهد تقشعر منه جلود الذين شاهدوه أو سمعوا به... وما أن غربت شمس ذلك اليوم إلا وقد خلت طرقات سمرقند، وصوت بكاء يسمع في البيوت على خروج تلك الأمة العادلة الرحيمة من بلدهم.

ولم يتمالك الكهنة وأهل سمرقند أنفسهم، حتى خرجوا أفواجاً، وكبير الكهنة أمامهم باتجاه معسكر المسلمين وهم يرددون شهادة «أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله».

أتدرون من هو القاضي؟

إنه: «عمر بن عبد العزيز» خامس الخلفاء الراشدين - رحمه الله.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك