الانحراف في العمل الخيري تتحمل مسؤوليته بالدرجة الأولى الجهات الحكومية.. كما يرى خالد الطراح

زاوية الكتاب

كتب 638 مشاهدات 0

خالد الطراح

القبس

من الذاكرة-خفايا العمل الخيري..!

خالد الطراح

 

 

«حتى العمل الخيري بالواسطة».. هذا العنوان المثير للانتباه والجدل كان عنواناً لخبر نشرته القبس في 17 ــ 6 ــ 2017، على صدر صفحتها الأولى، عن العمل الخيري، كتبه محرر الشؤون المحلية من دون تحديد اسم محرر الخبر لسبب ليس قانونياً بقدر ما هو سياسي و«خيري» إن جاز تعبير هذا الوصف على مضمون الخبر!

الخبر كان مقتضباً، لكنه احتوى معلومات مفزعة عن «بعض جهات العمل الخيري»، وما تتعرض له هذه الجهات على أيادي تدعي العمل الخيري، بينما في الواقع ترتكب جرما أخلاقيا وقانونيا بحق عمل إنساني يفترض أن يكون بمنأى عن أي شبهات!

اتفهم تماما أن يتم نشر مثل هذه الخبر باسم محرر الشؤون المحلية، مثله مثل أي أخبار سياسية أو اقتصادية تحمل فضائح، وما أكثرها في دولة تتعدد فيها الأجهزة الرقابية المسبقة واللاحقة والرقابة البرلمانية أيضا، ففيما لو تم نشر اسم محرر الخبر لابد أن يجد المحرر نفسه أمام عواصف من الغضب العنيف والتكذيب، وربما التكفير أيضا من الجهات المعنية «بالواسطة» وتشويه العمل الخيري، خصوصا أن الخبر تضمن جوانب لا علاقة لها أساسا بالدين والشريعة الإسلامية، من مثل الشروط التي وردت بالخبر!

من الشروط «الخيرية» أولاً أن يكون المحتاج من المذهب الذي تتبعه الجهة، وثانيا أن يكون من أبناء المنطقة، وثالثا أن يكون المحتاج لديه تزكية أو واسطة من شيخ دين معروف، علاوة على أن «بعض الجهات تطلب ورقة صلاة من إمام المسجد للتأكد من أن المحتاج يؤدي الصلاة»!

مثل هذه الشروط المزاجية، وليست الخيرية، من الطبيعي أن تستفز ضمائر أهل الخير والشعب الكويتي ككل، فهناك شخصيات نذرت نفسها للعمل الخيري من دون أي ضجيج إعلامي أو ديني، ولم تلبس ثوب شيوخ دين، خصوصا البشوت، وهو جمع بشت للباس شعبي كويتي وخليجي أيضا انتشر في البدايات، ومن التراث الشعبي بين كل فئات المجتمع، فقيرا أو ثريا، قاضيا أو إماما، إلى أن أصبح اليوم ملبسا شائعا حتى بين بعض الأكاديميين!

انحراف العمل الخيري ليس جديدا على الساحة، وإذا ما ارتبط اليوم بشروط تتسم «بالواسطة» وغير القانونية، تنم عن إقحام متعمد للدين لتشويه جوهر الشريعة الإسلامية السمحة، فمن غير المستبعد أن تخرج كيانات أخرى تحت ستار العمل الخيري لتستهدف نسيج المجتمع الكويتي، وتشعل نار الطائفية بين صفوف الشعب، لتصبح امتدادا للطائفية البغيضة، التي تقتلع جذور التلاحم والتراحم في الجوار العربي والإسلامي أيضا.

الانحراف في هذا العمل تتحمل مسؤوليته بالدرجة الأولى الجهات الحكومية التي تجاهلت لسنوات ما يتردد بين الحين والآخر داخل الكويت وخارجها عن شبهات فساد لبعض الجهات التي تقوم بجمع التبرعات!

وزارة الشؤون الاجتماعية صرحت قبل فترة عن اتخاذ إجراءات قانونية ضد بعض الجهات التي زاولت العمل الخيري من دون تصريح قانوني، لكنها لم تفصح الوزارة عن أرصدة هذه الجهات، وقيمة أي تحويلات خارجية، والجهات المستفيدة، خصوصا أنه من غير المستبعد أن يكون هناك انحراف أيضا في الصرف وشبهات في التحويلات للجهات غير القانونية في نشاطها أساسا!

القبس نشرت معلومة مهمة عن شبهات غير قانونية، الأمر الذي يستوجب على الحكومة فتح التحقيق، والإفصاح عن هذه الجهات بتفاصيلها، واتخاذ إجراءات قانونية عاجلة، قبل أن تتدخل جهات دولية في هذا الملف، ويصدر عنها تقارير ليست في مصلحة سمعة الكويت الدولية كما حصل سابقا!

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك