الكتابة سلاح وذخيرة

زاوية الكتاب

كتب 14814 مشاهدات 0


ان أول كلمة أنزلها الله 'عز و جل' على الرسول < صلى الله عليه و سلم > هي اقرأ { اقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلق الإنسان من علق ، إقراء و ربك الإكرم ، الذي علم بالقلم ، علم الإنسان ما لم يعلم } 4-1 العلق ، كما أن أول ما خلق الله 'عز وجل' هو القلم ، و لمكانة القلم الرفيعة في الإسلام أقسم به الله 'عز و جل' { ن و القلم و ما يسطرون } 1 القلم ، و هذا يبين لنا عظمة وقوة القلم الذي يسطر الكلمات ليعبر عن الآراء ليقرؤها الناس فتؤثر بهم لتشكل رأي عام باستطاعته تغيير الكثير من الأمور .
(وراء كل كاتب عظيم قلم ) و هذا القلم أمانة بين يدي الكاتب ، فاتقاء الله واجب وتحرى الصدق والدقة واجب والاحترام واجب والصراحة واجب، كما أن من أهم صفات الكاتب هي الثقافة والصدق و الضمير والجرأة ، ان سن القلم أحد من سن الرمح والسيف ، لأن سن الرمح والسيف قد يقتل شخص أو أكثر، لكن سن القلم يكشف مواضع الخلل وأسس الفساد في البلاد ، مما يؤدي إلى اقتلاعها وإعدامها إعلامياً وسياسياً .

ان القلم سلاح و الكلمة هي الذخيرة أما الورقة ( المقالة ) هي ساحة المعركة ، قد يرى البعض أن القلم مجرد جماد لا يتجاوز طوله السنتيمترات ضعيف جداً ، لكنه قوي و يتحدى الصعاب ، أن الكاتب يرى القلم من الناحية ( اللامادية ) و يعتبره كائن ذهني ، أن سلاح الكاتب لا يمكن أن يقتل به حتى عصفور صغير ، لكن له تأثير على الشعب ( الرأي العام ) مثل تأثير أشعة شمس الصيف ( الحارقة ) ، و تأثير صوت الرعد في ليلة شتوية ممطرة ( مسموع بقوة ) ، أن الكاتب لا يملك سوى بعض الكلمات و الأفكار يبنى بهم رأيه الخاص ، الذي سوف يكون له تأثير على الرأي العام ، من الممكن أن الكلمة الصادقة لا تظهر نتائجها بشكل مباشر على الشعب ( الرأي العام ) و تحدث تغيير ، لكن حين تنفذ إلى عقول الناس و قلوبهم و تستقر ، فأنها سوف تخلق لديهم الوعي مما يؤدي إلى تشكيل الرأي العام و يعطيهم القوة و القدرة على التغيير .

هل يستطيع الكاتب أن يتوقف عن الكتابة ؟ أن قلم الكاتب لا يتوقف إلا إذا توقف قلبه النابض بالحرية و الكرامة ، قد يتم منع الكاتب من النشر أو من الممكن يسجن ، لكن ذلك لن يمنع وصول كلمته إلى الشعب ، أن الرصاصة تموت بعد إطلاقها مباشرة ، أما الكلمة فأنها تعيش منذ لحظة إطلاقها إلى ما لا نهاية ! و عندما يقرؤها شخص فأنها تتكاثر ! و عندما يؤمن بها شخص فأنها تتناسل !

قال الجاحظ : إن اللسان لا يجري مجري القلم و لا يشق غباره ، أو يتكلف بعد غايته فأثره ضائع و حضوره مؤقت و مداه موصول بمدى الصوت الذي سرعان ما ينقطع ، أما القلم فهو علامة الحضور المتصل و الزمان الممتد للكتابة .

ما من كـاتـب سيفـنى    و يبقي الدهر ما كتبت يداه

فلا تكتب بكفك غير شيئ    يسرك في القيامة أن تـراه

لذلك زميلي الكاتب إذا كنت مثقف وقوي العزيمة و ذو ضمير ، أكتب لكي يقرؤوا .

فيصل عبدالرحمن البيدان

كتب: فيصل عبدالرحمن البيدان

تعليقات

اكتب تعليقك