رغم نجاح النواب البدو بالشويخ والشامية عام 1962

زاوية الكتاب

الحميضي: ' لو علمنا ان التركيبة السكانية الكويتية ستتغير لما وضعنا الدستور'

كتب 10049 مشاهدات 0

بدر الحميضي

أن يتعرض ' جاهل ' لشريحة أساسية في الكويتي ويحاول اقصائها فذلك أمر غير مستغرب فالجاهل يبقى طوال الوقت جاهلا.

أن يقود هذه الحملة رجل جبان يخشى المواجهة فيبعث بالرعاع بدلا من أن يخوض معركته فذلك أمر غير مستغرب فالجبان يبقى على الدوام جبانا.

أما أن تقوم شخصية سياسية بحجم وزير المالية الأسبق بدر الحميضي بالطعن في إنتماء شرائح مهمة في المجتمع الكويتي للتركيبة السكانية الكويتية التي أصدرت الدستور الكويتي وذلك خلال لقاءه في جريدة الرأي عدد اليوم فذلك أمر لا يمكن السكوت عنه .

http://www.alraimedia.com/Alrai/Article.aspx?id=166439

ورغم أن الوزير السابق الحميضي لم يحدد من يقصد من الشرائح المجتمعية إلا أنني سأكون أكثر شجاعة منه وأقول أنه يقصد قبائل الكويت ليس من باب 'كاد المريب أن يقول خذوني' ولكن من باب' أن الكتاب واضح من عنوانه '.

الوزير السابق بدر الحميضي قال الآتي : ' قال لي أحد رجالات الدولة الذين قضوا عمرا طويلا في الساحة السياسية في الكويت انه عندما وضع الدستور في عام 1962 أسس ليخدم تركيبة سكانية محددة واختلاف التركيبة السكانية الحالية أدى إلى خلل الكثير من الامور داخل المجتمع، وقال لي جملة لن انساها فقال ( لو علمنا ان التركيبة السكانية الكويتية ستتغير لما وضعنا الدستور )'

ولأني عشت عمري كله أرفض العنصرية في الكويت بما في ذلك الدعاوى الجاهلية التي تصدر من بعض شباب القبائل المتحمسين لتأسيس تكتل قبلي يقف بالمرصاد لمثل هذه الدعاوى البغيضة , فأنه يحق لي أن أدافع عن الشريحة التي أنتمي لها حين تتعرض للاقصاء ليس من باب الفزعة , وإن كانت الفزعة أمر محمود إذا ما توافق مع الثوابت الوطنية , بل لأن الحق أولى أن يتبع , ولأن إضعاف شريحة رئيسية في المجتمع الكويتي أمر لن ينتج عنه إلا مزيد من الضعف للمجتمع نفسه , ولأن النار أيضا , بما في ذلك نار الفتنة , قد تكون من مستصغر الشرر.

مثل هذا الحديث المبعثر الذي أدلى به الوزير السابق بدر الحميضي لاشك أنه يتطلب منا جميعا أن نتصدى له في حينه وقبل أن يستفحل الأمر فنجد شرائح مهمة في الشعب تصنف هكذا جهارا نهارا وكأنما هي غريبة عن وطنها .

لدي قناعه أن رجالات الكويت لا يمكن أن ينطقوا بمثل هذه العبارة العنصرية البغيضة ولهذا فربما يكون من قالها لم يكن يوما من رجالات الكويت الذين قرأنا عنهم في التاريخ أو عايشنا بعضهم ولهذا على الوزير السابق بدر الحميضي أن يحدد على الأقل من قائل هذه العبارة العنصرية كي نناقشه فيها إن كان حيا أو أن نراجع تاريخه السياسي لنعرف إن كانت هذه العبرة قد صدرت منه أم لا إن كان الله قد توفاه .

التركيبة السكانية في الكويت لم تتغير نوعيا بعد إصدار الدستور فهي نفس التركيبة تقريبا فعمليات التجنيس السياسي والعشوائي التي تمت من قبل رموز في الحكم أواخر الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي لم تكن بهذه الضخامة التي يتصورها البعض, فقبائل العوازم والمطران والرشايدة والعجمان والهواجر والعتبان وعنزة وشمر والظفير والسبعان وغيرهم من قبائل الكويت تواجد اهلها إما في بعض فرجان مدينة الكويت أو في بادية الكويت وهم من كانوا يعرفون حينذاك بــ 'عريب دار' أي أن المجلس التأسيسي قام على سجلات إنتخابية تضم الشرائح التي ذكرها الوزير السابق بدر الحميضي تلميحا وأراد أن يوحي بأنها لم تكن موجودة حين تم وضع الدستور .

التركيبة السكانية التي قام عليها دستور 1962 هي نفس التركيبة السكانية التي تشكل الكويت 2009 فيما عدا أن بعض الشرائح المهمشة في مسألة صنع القرار السياسي آنذاك , كالبدو والشيعة, أخذوا الآن يشكلون ثقلا حقيقيا في القرار التشريعي والسياسي وهو ثقل يتناسب مع قدراتهم وطموحهم في خدمة بلدهم كحال أي مواطنين في العالم بأسره .

ولأن حديث الوزير السابق بدر الحميضي كان تلميحا أوضح من تصريح قصد به القبائل بصورة واضحة كونه إستشهد بمواقف يرى أنها سلبية صدرت من نواب لم يسمهم ينتمون لقبيلة مطير ليوحي أن هؤلاء لم يأتوا إلا بعد تغير التركيبة السكانية في العام 1962 عنها الآن, كان لابد من التذكير أن قبيلة مطير تعتبر وبحق أحد أهم مكونات الشعب الكويتي حتى قبل قيام فيصل الدويش المطيري وجيش الإخوان بغزو الجهراء العام 1920 ,وليس هناك أكثر دلالة على ذلك من تسمية بوابة البريعصي بهذا الإسم على رجل من فخذ البراعصة من قبيلة مطير وهي البوابة التي تسمى أيضا ببوابة المقصب .

كما أن قصيدة شاعر الكويت حمود الناصر البدر خلال معركة الصريف 1901 توضح مدى تجذر البدو في تاريخ الكويت فكيف يأتي من يأتي ليشكك الآن ويعتبر انهم خارج التركيبة السكانية التي شكلت دستور 1962 , ويقول البدر عن فخذ علوى من قبيلة مطير وعن قبيلة يام التي يرجع لها العجمان واللذان شاركا مع جيش مبارك في حربه ضد ابن رشيد :

مرحوم يامن زارنا وأستخارا

واعذر وعاف من السهم وأبدا الأعذار

علوى يمين وكل يام يسارا

ان كنت شره أشرب قراطيع الأمـرار

علوى الى دك الكبوس استدارا

أهل الشرا والبيع بالموسـم الحـار

ويام مثورت الجمل بالغبار

اانحاز الضديد ان كان سو الدخن ثـار

 مهدين والله مرخصين العمارا

من دون عز الدار شاكوم الأشـرار

 أنذرك من ثورة قوي المثارا

الـى ليامنـه ثـار تهتـز الأقطـار

 صفوة صباح التغلبي مايمـارا

ولا ينتجـارا لا وعـلام الأسـرار

 أنتم حرار من مواكر حرار

اوحنا عليكم مـن صورايـم سنجـار

 
أما محاولة إرجاع قبائل الكويت إلى موطنها الأصلي للإيحاء بأنها لا تنتمي للتركيبة السكانية الكويتية الأصيلة فلا أعتقد أن هذه النظرية العنصرية الفاشية ستصمد لحظات إذا ما عرفنا مثلا أن أسرة آل الصباح ومن أتى معها من العتوب إلى الكويت كان موطنهم الأصلي وادي الهدار في منطقة الأفلاج في المملكة العربية السعودية , كما أن الوزير السابق بدر الحميضي نفسه ووفقا لهذه النظرية العنصرية الاقصائية تعود أصوله إلى قبيلة بني تميم في المملكة العربية السعودية , وهكذا وفقا لهذه النظرية الساقطة سيختلط حابل الكويت بنابلها بدلا من أن تترسخ الصورة النمطية عن الكويت كوطن متجذر في هذه الأرض لا يقبل أن يقوم أحدا ما بدس السم بالعسل عبر نظريات وعبارات عنصرية تهدم أكثر مما تبني .

  
وفي الجانب العملي وكي أثبت أن مقولة ' لو علمنا ان التركيبة السكانية الكويتية ستتغير لما وضعنا الدستور ' لم تكن لتصدر من أحد من رجالات الكويت الحقيقيين فلن أعدد الأسباب الموضوعية التي جعلت من إصدار الدستور ضرورة لأنها معروفة للجميع تقريبا خصوصا بعد دحر حاكم العراق عبدالكريم قاسم بتلاحم وطني حقيقي شارك فيه الجميع بما في ذلك 'البدو' عبر فزعتهم لديرتهم وعبر مشاركة أبنائهم كجنود, مع باقي مكونات الشعب الكويتي , في كتائب الجيش الكويتي والتي رابطت على الحدود حماية للشعب الكويتي والذي كان من ضمنه حينذاك الوزير السابق بدر الحميضي حينما كان فتى يافعا .

 ولكني سأبين أن التركيبة السكانية التي شكلت المجلس التأسيسي هي نفسها التركيبة الحالية ناخبين ومرشحين ونواب .

 فمثلا في إنتخابات المجلس التأسيسي العام 1962 كانت منطقة الشويخ بعوائلها الحضرية وبعض ساكنيها من أبناء القبائل تقع في دائرة إنتخابية واحدة مع منطقة الجهراء بقبائلها وبعض الأسر الحضرية, وكان لافتا أن أبرز السياسيين في الكويت وهو الدكتور أحمد الخطيب فاز مع عضو المجلس التأسيسي العم المرحوم عبدالله اللافي الشمري , ولهذا لا يمكن لكائن من كان أن يشكك في إنتماء قبيلة شمر العريقة للتركيبة السكانية التي شكلت الدستور الكويتي لمجرد أن هذه القبيلة التي تضم بطونا كثيرة تقطن بعض أفخاذها في المملكة العربية السعودية والعراق وسوريا ,ولمجرد أن قلة من هؤلاء أتوا للكويت بعد قانون الجنسية فالأصل أن هذه القبيلة تدخل في التركيبة السكانية الكويتية منذ القدم.

أما في دائرة الشامية والتي تقع في قلب مدينة الكويت و كانت تشترك في دائرة إنتخابية واحدة مع منطقة الفروانية فقد فاز في إنتخاباتها عباس حبيب مناور الرشيدي ويوسف المخلد المطيري, فهل قبيلة الرشايدة أو قبيلة المطران مثلا واللتان شارك بعض أبنائهما في صياغة الدستور تقعان خارج التركيبة السكانية الكويتية كما ينقل الوزير السابق بدر الحميضي عن من أسماه أحد رجالات الكويت .

 
ولهذا كان لافتا ان يحاول الوزير السابق بدر الحميضي سوق الأمثلة عن بعض نواب قبيلة مطير ليدلل أنها تقع خارج التركيبة السكانية الكويتية التي أصدرت الدستور الكويتي في الوقت الذي كان لهذه القبيلة العريقة دور مهم في صياغة الدستور الكويتي وقبل ذلك كان لها دور مهم في تأسيس الإقتصاد الكويتي عبر التاجر الشهير هلال المطيري . 


ورغم أن قبائل عدة شاركت في إنتخابات المجلس التأسيسي من دون مرشحين وقامت بالتصويت فقط فإن القبائل الآتية تولى أبنائها المشاركة في إصدار وثيقة الدستور الكويتي الذي سنحتفل بذكراه غدا وهي قبائل شمر( عبدالله اللافي ) , مطير ( يوسف المخلد ) , الرشايدة ( عباس مناور حبيب , ) , العوازم ( علي ثنيان الأذينة, محمد وسمي السديران ) , العجمان ( خليفة طلال الجري ) , الفضول ( نايف حمد الدبوس ) , فهل يريد الوزير السابق بدر الحميضي أن يقول أن أحد رجالات الكويت يقول أن هذه القبائل لا تعتبر ضمن التركيبة السكانية الكويتية التي صدرت الدستور .

للوزير السابق بدر الحميضي أن يحاور ويناور ويتراجع أو لا يتراجع ولكن الحقيقة الثابتة والراسخة كثبات ورسوخ جبال الزور أن القبائل في الكويت والتي تحول بعض أبنائها إلى أسر حضرية ولم يتحول البعض الآخر ستبقى كما كانت مكونا أساسيا للشعب الكويتي مهما حاول البعض أن يشكك .

وللتاريخ ليس هناك أعمق وأكثر حكمه لمعالجة مثل هذه الأمور من النطق السامي لحضرة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد حينما قال في إفتتاح دور الإنعقاد الثاني من الفصل التشريعي الحالي ( الثالث عشر ) ' إن الوحدة الوطنية الجامعة المانعة الحاضنة لأبناء هذه الأرض الطيبة، هي الركن الاساسي في تماسكهم وحرصهم على ثوابتهم وتراثهم الأصيل وعلى تكريس انتمائهم لوطن لا يعرف التفرقة بين أبنائه أو أي تصنيف وتقسيم يمسّ نسيجه الاجتماعي، ليبقى وطنا للجميع يسود بين أبنائه صفاء النفوس وحسن النوايا وحب العمل.

 

بالتزامن مع مدونة القحطاني

 

 

الآن - مدونة داهم القحطاني

تعليقات

اكتب تعليقك