د.محمد الرميحي يفند بنود استجواب المسلم، ويراه حوي كلمات ضد الرئيس يعفّ لسان العاقل والحكيم عن استخدامها، فضلا عن الاخطاء اللغوية

زاوية الكتاب

كتب 1972 مشاهدات 0



بلد المليون استجواب!
د. محمد الرميحي
قرأت بتمعّن أوراق الاستجواب المقدم من الدكتور فيصل المسلم لسمو رئيس الوزراء، وبصرف النظر عن الأخطاء اللغوية في الأوراق المقدمة، والتي كان حريّا بالسيد فيصل أن يمررها على أستاذ للغة العربية، قلت بصرف النظر عن ذلك، فإن العضو المحترم له كل الحق في تبني ما يراه من مواقف سياسية، كما من حق الجمهور العام أن يناقش تلك الرؤية، ويخترق شكلها الخارجي إلى باطنها، فكل فقرة من ذلك الاستجواب تنم عن موقف مسبق ضد رئيس الوزراء ومعاونيه،
لا يمكن أن تمرّ على عاقل فطن. على الرغم من محاولة العضو المحترم أن يصادر الرأي الآخر مسبقا بكيل الاتهامات له، في محاولة منه لإسكات الآراء المضادة، كقوله «شنّ حملات شرسة شنّها الإعلام لإسقاطي».
إلا أن هناك ملاحظات كثيرة على الصحيفة المقدمة، يمكن إجمالها في الآتي:
أولا: إن أوراق الاستجواب فيها تكرار، ويبدو أن كاتبها أراد منها تضخيم عدد الصفحات قبل أي شيء آخر، وكأن العبرة بالكمّ
لا بالكيف. فهي تدور حول قضيتين؛ الأولى «مصروفات مكتب الرئيس»، والثانية موضوع «الشيكات». وهناك سرد مطول في الصحيفة، ولم ينس السيد العضو في طياته أن يشير فيه إلى تكييف موقفه «كبطل» أُريد له أن يسقط في الانتخابات الماضية، إلا أن ذلك لم يتحقق، مضمناً -بين السطور- اتهامه المواطنين «معه»، وكأن أحداً يومئ لهم «انتخبوا فلانا أو أسقطوا فلانا»، وهذا بعيد عن الحقيقة.. فالمواطنون لهم رأي مستقل فيما يقررونه، بدليل أن الانتخابات الماضية -كغيرها- لم يستطع أحد أن يدعي أنها اخترقت، وترك الأمر إلى المؤسسات حتى في الطعن بالنتيجة لمن أراد، وهو ما ينزه المواطن والمواطنة الكويتية من شبهة أراد السيد العضو أن يلوّح بها، كما قال متفاخرا في «خطاب حفل النجاح»!!
ثانيا: زبدة الموضوعين محل الاستجواب، أولهما مُحوّل إلى النيابة العامة، وهي الخصم الشريف، على الرغم من كل التلويح في الاستجواب بما يقلل من حياديتها، وهي قضية تناولتها وسائل الإعلام باستفاضة، كما أنها فخر لأي مسؤول، ولا يتوفر مثيلها من مياه المحيط إلى مياه الخليج، وعلى شرق ذلك وغربه، حيث يضع مسؤول رفيع المستوى كل أوراقه للفحص والتدقيق من قبل أكثر من جهة، حتى أصبح القاصي والداني يعرف كم صرف رئيس الوزراء على حفل غداء استضاف فيه نظيره رئيس وزراء حكومة عربية!!
ثالثا: هناك محاولة لخلط الأوراق، منها على سبيل المثال الحديث عن 23 مليونا صرفت، وتظهر للقارئ السريع أنها صرفت من ميزانية واحدة، لسنة واحدة، لمؤسسة واحدة.. وحقيقتها -لمن يقرأ بتمعن- أنها لعدد من السنين لديوان الرئيس ومؤسسات أخرى، وأن هناك خلطا بين حساب سمو الرئيس الشخصي والحساب الخاص للديوان!! كما أرادت صحيفة الاستجواب أن تقرأ -قسرا- تصريحات وكيل ديوان سمو الرئيس للشؤون المحلية!!
رابعا: بدا من صحيفة الاستجواب (مرة أخرى المكرورة معطياتها) أن رئيس الوزراء يتحمل كل السلبيات، من تردي الخدمات والفساد والجريمة إلى اختراق القانون، وتهميش دور مجلس الوزراء، وكأننا
لا نقرأ في الصحف، على سبيل المثال لا الحصر، إعلانات الشكر لبعض زملاء السيد العضو من مواطنين يشكرون هذا العضو أو ذاك الذي ساعد (في العلاج أو التعليم) من المال العام!! بقي أن تقول صحيفة الاستجواب إن الرئيس مسؤول مباشرة عن الأزمة المالية العالمية وإنفلونزا الخنازير وفشل محادثات السلام!!
خامسا: الكلمات والعبارات التي استخدمها السيد العضو في حق رئيس وزراء الكويت، كلمات يعفّ لسان العاقل والحكيم عن استخدامها، بل لا تستخدم في المحافل المتحضرة أبداً، مما يكشف الشخصانية المقيتة المحمّلة لمثل هذا التصرف. فهو «لا صادق ولا أمين، وغير بار بقسمه..»، من جملة تلك العبارات التي تنم عن موقف شخصاني مسبق، يبحث في النيات قبل الأفعال، ولم يقل لنا السيد العضو من هم المستفيدون من شيك الرئيس الشخصي، ولماذا هم بالذات دون غيرهم؟!
سادسا وأخيرا: سوف يختصم البعض ويتحول الاستجواب إلى أخذ وردّ، إلا أن الخاسر الأكبر هو الشعب الذي تاق لأن يخرج من هذه الشخصانية في العمل السياسي، لقد سئم الشعب من هذا التعسف في استخدام الرخص الدستورية إلى درجة تفريغها من مضامينها، لأن الضحية الكبرى هو وقت الشعب وخطط التنمية.

اوان

تعليقات

اكتب تعليقك