هل تعرفون نبيا اسمه 'مشمش' عليه السلام؟!، هذا ما يُجيب عليه محمد الوشيحي في مقاله.

زاوية الكتاب

كتب 8809 مشاهدات 0


آمال
مشمش عليه السلام
محمد الوشيحي

خذ عندك آخر خبر وأحدث هلوسة في الأسواق، مشعوذ، غباؤه إلى ركبته، يطالب بهدم المسجد الحرام، شرّفه الله، وإعادة بنائه بما يسمح بفصل النساء عن الرجال. على اعتبار أن من سبقوه من رجال الدين الذين لم يفتوا بمثل فتواه، كانوا متخاذلين عن تطبيق تعاليم دينهم! ولو كنتُ مكانه، هو وبقية المشعوذين من أمثاله، لأفتيت بأن يتم حرق النساء عن بكرة أبيهن، الله يلعن أبو النساء، كي نخلص ونرتاح منهن مرة وإلى الأبد.

لا لا لا آسف، يبدو أن غباءه انتقل إليَّ بالعدوى كإنفلونزا الخنازير، فالخشية أن يتم حرق النساء فيجلس المشعوذون بطّاليّة عطالية، لا شغل ولا عمل، ولا فتوى ولا ثروات، فيجف الحليب في أثدائهم، وتذبل أزهار بساتينهم، بعدما كان مؤشر سوق أسهمهم شديد الاخضرار، وبعدما زوّروا أوراق الدين وحصروه في ملابس المرأة وصوت المرأة وكل ما يعني المرأة.

هؤلاء الدجالون سكبوا التيزاب، ماء النار، على وجه الدين الجميل، السمح، وشخبطوا عليه بأقلامهم السوداء، فأضحكوا سكان الأرض علينا وعلى ديننا، وأضحكوا الطيور في فضاءاتها، والأسماك في قيعان محيطاتها، والطحالب في مستنقعاتها، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ولأن الإسلام واضح للجميع، ولأن كل شيء فيه تم التطرق إليه من قبل، بحث هؤلاء المشعوذون عن شيء لم يتطرق إليه أحد فما وجدوا، فراحوا يؤلفون الحكايات والأحاديث والروايات، فخرج إلينا أحدهم، قبل فترة، في حديث له عن الربا، وكيف أن الله هدد المرابين 'فأذنوا بحرب من الله'، فقال فضيلته: 'إن الله، يوم القيامة، يعطي المرابي سيفاً، ويقول له (قم فحاربني)'، فيتباكى الناس بصوت عالٍ وينتحبون بعدما صدقوا حكايته التي مزعها مزعاً من جيبه الأعلى! طيب لماذا لم يعطِ الله المرابين رشاش كلاشينكوف، أو (ام 16) مثلاً، وهي سريعة الطلقات، أو مدرعة (ام بي 2) وهي خفيفة الحركة، سريعة المناورة، لا تشترط التوقف لإطلاق النار، ويمكنك القتال بها من وضع الحركة، واسألني عنها، فأنا مجرب. أو لماذا مثلاً، لم يقل الشيخ إن الله سيعطي المرابين طائرات (jast) التي ستدخل الخدمة قريباً في سلاح الطيران الأميركي، والتي بهرت علماء التكنولوجيا... لماذا السيف تحديداً يا مولانا؟ ستقول لأن الطائرات والمدرعات تحتاج إلى دورات تدريبية؟ وما المانع، فليتم ابتعاث المرابين إلى معسكرات التدريب قبل المبارزة، أو فليأمر سبحانه أن يتحول جميع المرابين إلى طيّارين قبل أن يقاتلهم، وهو قادر على ذلك... تعالى الله عما يقوله المشعوذون.

ومن إيران، يخرج إلينا الداعية الشهير أبو الخزعبلات، فيقول إن هناك نبياً اسمه 'مشمش'. شلون يا شيخنا المفضال؟ يجيب فضيلته: 'إن القوم الذين بُعث إليهم النبي مشمش عليه السلام كانوا في يوم عيد، وكانت عادتهم في العيد ارتداء الملابس الصفراء، فقالوا له ائتنا بمعجزة، ولتكن فاكهة بلون ثيابنا، فرفع يديه مستجدياً الله، فاستجاب له سبحانه وتعالى وأنزل المشمش'. وقريباً سيأتي من يقول إن هناك نبيّاً اسمه 'رقّي'، أو بطيخ، وكان قومه يرتدون ثياباً خضراء من الخارج مبطنة بالأحمر ومنقطة بالأسود، ونبيّا آخر اسمه 'فراولة'، ورابع اسمه 'فستق حلبي'، وخامس اسمه 'روب خالي الدسم'، ما الذي يمنعهم، بعدما افتروا على الله بجلال عظمته، أن يفتروا على أنبيائه وكتبه وتعاليمه؟

وأمس شاهدنا، في مهرجان الجنادرية، صور أربع نساء محجبات، وخلفهن يأتي صوت فنانة، وكل هذا يتم أمام الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وفي ديار الحرمين الشريفين. فما هو تعليق المشعوذين الآن وما هو ردهم على صوت المرأة وصورتها، إذا عرفنا أن من بين الحضور عدداً من شيوخ الدين؟

 

الجريدة

تعليقات

اكتب تعليقك