قراءة في المشهد السياسي

كثير من المراقبين يعتقدون لا بل يجزمون بأننا في ورطة و أزمة طاحنة ستأكل الأخضر و اليابس أن لم يهدئ الطرفين اللعبة قليلا ، و لكني لا اعتقد بذلك فما نمر به من صراع هو جزء طبيعي من صراع ممتد على مدى سنوات طويلة بدأ عندما هاجر تجار الكويت إلى البحرين عام 1911 و استمر و سوف يستمر و لن ينتهي في يوم وليلة ، فالصراع الدائر اليوم هو جزء طبيعي من آلية تطور المجتمعات الديمقراطية و كلا طرفي الصراع يستخدم في سبيل تحقيق مصالحة كافة الطرق المتاحة منها الشرعي من خلال استخدام الأدوات القانونية التي يتيحها الدستور و منها غير الشرعي ، إذن نحن أمام حالة ليست فريدة من نوعها في العالم و ليست لدينا الخصوصية التي تتيح لنا أن نقول بأن ديمقراطيتنا على مقاسنا و تناسب عاداتنا و تقاليدنا ، فالأسس الديمقراطية هي أسس إنسانية متاحة لجميع البشر في كافة المجتمعات البشرية المقبلة على توحيد كافة الأنظمة التي تحكم البشر، لذا تجبر الدول على توقيع الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقيات حقوق الإنسان و غيرها الكثير من الاتفاقيات ، أي أن البشرية مقبلة لا بل هي في طريقها إلى توحيد الأنظمة التي تسير شئون البشرية ، لذا ما يحصل اليوم في الكويت هو جزء طبيعي من تطور المجتمعات البشرية ، و تصرفات و سلوكيات الحكومة تؤكد ذلك ، و بأنها تعرف حق المعرفة بان الاستمرار بهذه السياسة مع المجتمع لن يستمر طويلا فاليوم استطاعت الحكومة أن تجير اغلب الوسائل الإعلامية لتتحدث عن انجازاتها و تحجيم الطرف الأخر و إظهاره بأنه هو الذي يعيق تطور و تنمية المجتمع ، و لكن هل هذه السياسية يمكن أن تستمر إلى ما نهاية ؟ بكل تأكيد لن تستمر رغم كل الملاين التي تصرف عليها ، و أفضل دليل على ذلك حضور ندوة المرشح السابق نواف ساري التي عقدت مساء أمس و التي حضرها أكثر من ألفيي مواطن في تجمع غير مسبوق بتاريخ الحركة السياسية الكويتية ، حتى تجمعات دواوين الاثنين لم تصل لهذا الرقم فتجمع أمس رقم قياسي تاريخي ، لا بل هذا الرقم يعني بان سقف التحدي وصل لمرحلة لم تعد القوات الخاصة ترهبه و إن الجماهير قبلت التحدي  و مستعدة للمواجهة ،  خصوصا و أن هذا التجمع الهائل أتى بعد أحداث ديوان النائب الحربش في منطقة الصليبيخات و ذلك يعني بأن سياسة الهراوات التي اتبعت لم تعد تجدي نفعا ، هكذا يجب على الحكومة أن تقرأ المشهد فالمكابرة و المزايدة و استعراض القوة من خلال قوات الشغب لن تفيد ، رغم كل الدعاية الإعلامية التي استخدمت و رغم كل الصرف المادي بشراء الذمم ، إلا انه لم يؤدي إلى النتيجة المطلوبة لا بل أدى إلى ارتفاع سقف التحدي و هذا ما أثبته حضور ندوة نواف ، فمشهد حضور ندوة نواف سيكون ذو مفارقة تاريخية يجب على طرفي اللعبة الانتباه لهذا الرقم المرشح للتصاعد و الذي بلا شك أوصل المسئولين إلى  قناعة بان أي تحرك باتجاه تكرار سيناريو ديوان الحربش يسكون كإرثي بكل معنى الكلمة و ثمنه كبير و غالي في وقت لم تعد خيوط اللعبة بيد احد منفردا و إنما من الواضح بان خيوط اللعبة يتحكم بها أكثر من طرف و أتمنى أن تتم قراءة المشهد بتأني و عدم الخروج عن قواعد اللعبة  أن كنا حقيقة مؤمنين بدولة القانون و الدستور.
                                                                أنور الرشيد-أمين عام مظلة العمل الكويتي (معك)