زايد الزيد يكتب عن 'جمعة الغضب' من الداخل : نجاحات واخفاقات

زاوية الكتاب

'لنعطي الشباب الفرصة فهم أنظف من بعض السياسيين'

كتب 4748 مشاهدات 0

لقطة من 'جمعة الغضب' امس الأول

 

 


' جمعة الغضب ' : نظرة من الداخل

زايد الزيد

      ' جمعة الغضب ' ، التي شهدناها يوم أمس الأول ، كانت ناجحة في معظم أحداثها وتفاصيلها ، فحضورها كان رائعا ، من حيث العدد والتنوع ، والحماس للتغيير من جانب الحضور ، وخاصة الشباب منه ، كان واضحا من خلال ترديد الصيحات بصوت عال ومنظم ، وكذلك من خلال تجاهل أصوات النشاز التي حاولت تخريب هذا التجمع !

      في تجمعات سابقة شهدناها ، وخاصة تلك التي تعقبها مسيرات ، كنا نلاحظ انفضاض المتجمهرين منها ، بعد انتهاء خطب متحدثيها مباشرة ، لكن هذه المرة شهدنا أمرا مختلفا ! كيف ؟ بلا أدنى مبالغة ، أستطيع القول ، أن كل المتجمهرين ، أصروا على المشاركة ، في المسيرة التي اتجهت إلى مجلس الأمة ، رغم طول المسافة من ساحة البلدية إلى هناك ، ورغم الحر و' اللاهوب ' الذي كان يلفح وجوه السائرين !

     شباب التغيير الذين نظموا هذه الجمعة المباركة ، كانوا أكثر من رائعين ، فلقد تحملوا اتهامات وافتراءات لاطاقة لهم بها ، ومع ذلك صمدوا وتحملوا من أجل الكويت ، وأعني بهؤلاء ، كوكبة الحركات الشبابية الداعية للتغيير نحو الأفضل ، وأعني على سبيل الحصر – لا المثال -  حركات : ' السور الخامس ' و ' كافي ' و ' نريد ' .

      ونحمد الله حمدا كثيرا طيبا ، أن الأمور سارت في هذه الجمعة ، على خير مايرام ، والفضل في ذلك يعود  - من بعد الله سبحانه وتعالى – إلى وعي شباب التغيير الكويتي ويقظتهم الفذة !

      هذا عن الأمور الايجابية في ' جمعة الغضب ' ، أما عن نقيضتها السلبية ، فتمثلت في  سوء التنظيم والارتباك الذي شهدناه ( تحديدا وحصرا ) من على منصة الخطابة ، فأن يكون هناك مايكروفونان إثنان ، وبالتالي متحدثان إثنان ، في وقت واحد ، وعلى منصة خطابية  واحدة ، فهذا أمر يتجاوز الخطأ ، ليصل إلى نقطة الخطورة على التجمع برمته ، ففي وقت حديث النائب السابق الدكتور فهد الخنة ، كان هناك من دعا المتجمهرين – من على المنصة ذاتها - إلى التوجه لساحة الصفاة ، وفعلا استجاب للدعوة عدد من الحضور ، ولكن الحمد لله أنهم كانوا قلة ، الأمر الذي أدى إلى تماسك عموم المتجمهرين في ' جمعة الغضب ' ، الآتين للإسهام في إنجاح تجمع حضاري ، للتعبير عن آرائهم من خلاله بالطرق السلمية ، ولكن من يضمن ابتداع أساليب جديدة في التخريب في المرات القادمة ؟ لتنتبهوا إلى ذلك مستقبلا يا شباب !

      الأمر السلبي الآخر ، تجلى في تجاهل دور شباب التغيير الكويتي ، الذين حملوا على عاتقهم مشقة هذا العمل الجبار ، من خلال استحواذ النواب وحدهم على تصدر هذا العمل ، فلم يعط لشباب التغيير الكويتي ، فرصة للتعبير عن آرائهم ، ولشرح فكرة التجمع وفلسفته ، فهم المبادرون ، وهم المنظمون ، وهم من حملوا وحدهم  الكلفة السياسية الباهظة لتنظيم مثل هذا العمل ، وكم آلمني منظر الشاب النشط ، محمد البليهيس ( من حركة كافي ) ، حينما همّ في شرح فكرته عن التجمع - بعد أن أنتهى النواب وبعض الناشطين السياسين من إلقاء كلمتهم -  كم آلمني منظر إنفضاض الجمهور ، معلنا إنهاء التجمع ، والبليهيس لم ينه بعد كلمته ! وأنا هنا لا ألوم النواب وحدهم ، فالشعب الكويتي – للأسف الشديد - اعتاد أن يرمي بكل أوراقه السياسية في حضن النواب ، وهذا أخطر مايكون ، والشعب الكويتي قام بقتل مؤسسات المجتمع المدني ، ووضع كل البيض في سلة النواب ، وهذا أيضا أخطر ما يكون !

      ليكن رأيي واضحا : كل النواب الذين حضروا التجمع ، من حقهم أن يشاركوا في تصدر هذا العمل ، لكن ليس من حقهم أبدا أن ينفردوا به ، ولنكن واقعيين ومنصفين ، فهؤلاء النواب تحملوا الكثير ، حينما وقفوا في وجه مؤسسة الفساد ، وأصابتهم – جراء ذلك – سهام التشويه والتشكيك والطعن بكل أنواعه ، من جانب ما أسميها ب ' شلة الانحطاط والسفالة والارتزاق ' ، التي مافتئت تشوه كل جميل ومخلص ونظيف في هذا الوطن ! لكن هذا شيء ، وتهميش الدور الوطني لشباب التغيير ، شيء آخر !

      لذا – وأقول هذا مخلصا – ومن أجل بناء مستقبل جميل وواعد للكويت : لنضع ثقتنا بالشباب ، ولنعطهم فرصة العمل ، فهم أثبتوا من خلال أكثر من موقف ومنعطف ، أنهم أنظف وأطهر من كثير من السياسيين الذين يتصدرون العمل العام ..

      وإلى جمعة جديدة مباركة .. 

 

النهار- مقال اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك