العيسى: ماذا يريد الديين؟

زاوية الكتاب

كتب 492 مشاهدات 0


لم يقل الزميل احمد الديين بالامس امرا جديدا في مقاله اليومي بجريدة عالم اليوم، ولم يضف معلومات لم، اكن انا مع عدد من الزملاء لا ندري عنها، حين رد منتقدا كتابا مع بعض مؤسسات المجتمع المدني المستنكرين للتعديل الذي ادخله نواب التزمت بالمداولتين في جلسة واحدة بمنع عمل المرأة ليلا وبعد الساعة الثامنة وحتى السابعة صباحا، الا ما يستثنى بقرار من وزير الشؤون، ووصف المعارضين بالارتجالية، فنحن ندرك تماما نص المادة 23 من القانون رقم 38 لسنة 1964 بشأن العمل في القطاع الاهلي التي تحظر 'تشغيل النساء ليلا...' وندرك كذلك ان المادة 24 من القانون ذاته 'تحظر عمل النساء في الصناعات والمهن الخطرة.. الخ'، لا جديد، في أي من الامرين حتى تثور ثائرة الزميل على 'ارتجالية' الكتاب الساخطين ومعهم بعض مؤسسات المجتمع المدني على 'سلق' نواب التزمت مثل ذلك التعديل الاهوج الذي بصم عليه معظم النواب بكل الوان طيفهم السياسي من متزمتين الى ليبراليين طافت عليهم سخافة مثل ذلك المشروع هم مع الحكومة 'الارتجالية'. للزميل احمد نقول:اذا كان هناك تشريع سابق مضى عليه اربعون عاما ينظم عمل المرأة ويحدد ظروف عملها باشتراطات واضحة جلية، فما حاجة مجلس المزايدين والمهووسين بقضية 'الانثى' العاملة كي يشرعوا من جديد الامر المستهلك ذاته؟ ويقرروا امرا حادثا منتهيا من عقود.. ويدقوا مسمارا آخر في نعش الانفتاح الاقتصادي المزعوم، ان لم يكن يخنق ما تبقى من الحياة التجارية؟ الا يسمى هذا 'تزيدا' في التشريع، ام الاصح وصفه بالمزايدة المتشنجة واللغو التشريعي؟ الم تكن تلك الاضافة تحصيل حاصل.. وكان اولى بالمجلس والحكومة ان ينأيا بانفسهما عنه؟ لم يكن اعتراض المعترضين على 'سلق' المجلس والحكومة للمشروع بحد ذاته، بل كان من الواجب قراءة الظروف والملابسات التي صاحبت اخراجه البائس، فيدرك الزميل ان القضية في النهاية ليست مسألة تكريم المرأة وحفظ كرامتها، كما يدعي ملاكه وواضعوه، فهذا التعديل جاء مع قانون منع 'بلوتوث' وتشبه اي من الجنسين بالآخر، وعاصرته توصيات واقتراحات من نواب تلج في ادق تفاصيل الحياة الشخصية للبشر.. ولد هذا المشروع مع حمى استجواب وزير النفط وتم تمريره من دون ادراك لابعاده السيئة، ظاهره رحمة وباطنه عذاب، يكبل المرأة بمزيد من السلاسل والقيود، تبدو وكأنها اساور ذهب بينما هي حديد 'مزنجر'. ماذا يريد ان يخبرنا مشروع منع المرأة من العمل بعد صلاة العشاء غير اضافة حقيقة ان لدينا نوابا ووزراء قوامون على النساء؟ التشريعات لا يصح ان تكرر ذاتها وتجتر حالها، فالقانون لا يكون قانونا ما لم يكن نافذا، والنفاذ هنا بمعنى ان يكون مطبقا وحيا. فقانون منع التدخين -مثلا- في الاماكن العامة هو تشريع ميت، لانه قانون لا يطبق، مثله مثل قانون المرور الا فيما ندر، ومثله قوانين محاربة الفساد والرشوة وغيرها في دولة الرخاوة حين تغيب السلطة التنفيذية عن اعمالها، ولا تكترث بها. فاذا كانت المادتان 23 و24 من قانون العمل في القطاع الاهلي غير نافذتين، فهل جاء المجلس والحكومة اليوم ليعيداهما الى الحياة ترافقهما عصي البوليس الديني، ترتفع في الهواء وتهوي على ظهور النساء، وتهدد الرجال مذكرة اياهم بانه لا قضية اليوم غير قضية مشاريع الصفقات السياسية بين كتل المجلس وأجنحة السلطة المتصارعة مع بعضها، اما قضايا الحريات وحقوقنا الدستورية، فاتركوها للزمن.. وهو زمن أغبر في حاضره وغده علينا وعلى امة وحدة ما يغلبها غلاب؟ حسن العيسى
القبس

تعليقات

اكتب تعليقك