مقلون في استثمار الثروة ومسرفون في استهلاكها!.. سعاد المعجل متعجبة
زاوية الكتابكتب مايو 1, 2012, 12:02 ص 584 مشاهدات 0
القبس
الثروة.. نقمة أم نعمة؟!
سعاد فهد المعجل
كان الله - حقّا - في عون وزير المالية مصطفى الشمالي، أمام ما تشهده الساحة السياسية من استنزاف مؤلم للأموال! فبغض النظر عن الحجج التي يسوقها الذين ينوون استجواب وزير المالية، تبرز الحجة الحقيقية الكامنة وراء كل ذلك. وهي إشباع النزعة الاستهلاكية بفرض المزيد من الكوادر وتوزيع المزيد من الأموال من دون جهد يذكر.
في الأسبوع الماضي، عرضت جريدة الطليعة دراسة، أجراها المشرف على اختبار التقييم الطلابي الدولي، أو ما يعرف باختبار Pesa، وهي دراسة أوردها الكاتب توماس فريدمان في مقال له نشرته «نيويورك تايمز». هذه الدراسة أظهرت نتائج غريبة ومذهلة، أشارت إلى العلاقة العكسية بين ما تجنيه الدولة من أرباح وأموال من مواردها الطبيعية، وبين تفوق الطلبة في اختبار القدرات والمهارات العلمية، سالف الذكر! بمعنى آخر، ان الدراسة قد كشفت أن الدول التي تتمتع بثروات نفطية أو موارد طبيعية ثرية يخفق أبناؤها تعليمياً. أي أن الدول التي تدمن الاعتماد على مواردها الطبيعية فقط لتأمين نهضتها ونموها، تتناسى أو تتجاهل الاعتماد على عقول أفرادها!
الثروات الطبيعية من نفط وذهب ومعادن، هي - بلا شك - نِعم! لكنها يمكن أن تتحول إلى نقمة إذا ما تم استهلاكها بدلاً من استثمارها، وهو بالتحديد ما تعاني منه دول النفط خاصة، وهذا بالطبع يشملنا، نحن في الكويت! فالنفس والحس الاستهلاكي آخذان في التصاعد بشكل أصبح ينذر بخطر على وعي الأجيال وإدراكها وثقافتها، وبحيث صار تقييم الأفراد مرتبطاً وبشكل بشع بمثل هذه النزعة الاستهلاكية، وهو أمر نلمسه جميعاً، بل يكاد يشكل السمة الأكثر أهمية في التقييم!
إبداع الشباب اليوم صار مرتبطاً بتعزيز قيم الاستهلاك، والمعارض التي يشهدها البلد كل يوم دليل ومؤشر على ذلك، وقد لا نملك أن نحمّلهم اللوم وحدهم، فهم جزء من منظومة استهلاكية تشمل المجتمع بجميع أطيافه!
في الدراسة التي أشرنا إليها، كانت هناك استثناءات في النرويج وكندا وأستراليا، التي تعد دولاً غنية بمواردها، لكنها حققت نتائج جيدة في اختبارات القدرات العلمية، وهو ما تفسره الدراسة بكونه يعود إلى أن هذه الدول قد عملت على استثمار الموارد وليس استهلاكها وحسب!
كم أتمنى لو أن نواب الأمة وثوار الكوادر اطلعوا على مثل هذه الدراسات ليدركوا حجم المخاطر التي سنتكبدها جميعاً، إذا ما استمر نمطنا الاستهلاكي واستنزافنا للثروة بدلاً من استثمارها! ويكفينا الاستشهاد بكارثة التعليم والأرقام والدراسات التي تتحدث عن تدهوره وانحداره، لندرك - على ضوء ذلك - كم نحن مقلون في استثمار الثروة، وكم نحن مسرفون في استهلاكها! وذلك قبل أن تتحول هذه الثروة من نعمة إلى نقمة، تعود علينا بالكارثة حاضراً ومستقبلاً!!
تعليقات